لِأَنَّ فِيهِ الْأَمْرَ، وَأَقَلُّهُ الِاسْتِحْبَابُ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ وَهُمَا لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَزِيَادَةُ الْوَاوِ وَهِيَ لِتَجْدِيدِ الْكَلَامِ كَمَا فِي الْقَسَمِ وَتَأْكِيدِ التَّعْلِيمِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مُبَاعَدَةً عَنْهَا
(قَوْلُهُ لِأَنَّ فِيهِ الْأَمْرَ إلَخْ) رَوَى السِّتَّةُ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ: إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ إلَخْ» وَفِي لَفْظِ النَّسَائِيّ «إذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا فَهَذَا هُوَ الْأَمْرُ الْمَعْرُوفُ» رِوَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ) هِيَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ بِالتَّنْكِيرِ، وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَمَلِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَصَحَّ التَّرْجِيحُ عَلَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ.
وَأَمَّا زِيَادَةُ الْوَاوِ فَلَيْسَتْ فِي تَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ وَتَأْكِيدُ التَّعْلِيمِ) يَعْنِي بِهِ أَخْذَهُ بِيَدِهِ لِزِيَادَةِ التَّوْكِيدِ لَيْسَ فِي تَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَمَّا نَفْسُ التَّعْلِيمِ فَفِي تَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَإِنَّ لَفْظَهُ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ، فَكَانَ يَقُولُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ» فَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ فِي التَّخْرِيجِ: وَأَمَّا التَّعْلِيمُ أَيْضًا فَهُوَ فِي تَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَفْعًا لِهَذَا الْوَجْهِ مِنْ التَّرْجِيحِ لَيْسَ بِوَارِدٍ.
وَمِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ أَيْضًا أَنَّ الْأَئِمَّةَ السِّتَّةَ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَهُوَ نَادِرٌ، وَتَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعْدُودٌ فِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ وَإِنْ رَوَاهُ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ مِنْ السِّتَّةِ، وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَلَوْ فِي أَصْلِهِ، فَكَيْفَ إذَا اتَّفَقَا عَلَى لَفْظِهِ، وَلِذَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: أَصَحُّ حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ خُصَيْفٍ