وَبِخِلَافِ الْقَصِيلِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ قَلْعُهُ، وَالْقَطْعُ فِي الصُّوفِ مُتَعَيِّنٌ فَيَقَعُ التَّنَازُعُ فِي مَوْضِعِ الْقَطْعِ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ، وَعَنْ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ، وَعَنْ سَمْنٍ فِي لَبَنٍ» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الصُّوفِ حَيْثُ جَوَّزَ بَيْعَهُ فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ تَصِيرُ أَسْفَلَ وَيَرْتَفِعُ عَنْهَا رَأْسُ الْقَائِمَةِ وَيَرْتَفِعُ غَيْرُهَا مِمَّا يَزِيدُ مِنْ أَسْفَلَ، فَالزَّائِدُ يَكُونُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي. وَقَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ بَيْعَ قَوَائِمِ الْخِلَافِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَنْمُو مِنْ أَعْلَاهُ فَمَوْضِعُ الْقَطْعِ مَجْهُولٌ فَهُوَ كَمَنْ اشْتَرَى شَجَرَةً عَلَى أَنْ يَقْطَعَهَا الْمُشْتَرِي لَا يَجُوزُ لِجَهَالَةِ مَوْضِعِ الْقَطْعِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الشَّجَرِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَلْ هِيَ خِلَافِيَّةٌ، مِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهَا إذْ لَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ مِنْ حَفْرِ الْأَرْضِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهَا لِلتَّعَامُلِ (بِخِلَافِ الْقَصِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ يُقْلَعُ فَلَا تَنَازُعَ فَجَازَ بَيْعُهُ قَائِمًا فِي الْأَرْضِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى إلَى آخِرِهِ) وَذَلِكَ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُبَاعَ ثَمَرَةٌ حَتَّى تُطْعَمَ، وَلَا يُبَاعُ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ وَلَا لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ» . وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ فَرُّوخَ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَأَرْسَلَهُ وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ فَرُّوخَ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَهَذَا السَّنَدُ حُجَّةٌ. وَقَوْلُ الْبَيْهَقِيّ تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ عُمَرُ بْنُ فَرُّوخَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ لَا يَضُرُّهُ، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ كَمَا قَالَ فَالْمُرْسَلُ حُجَّةٌ كَالْمَرْفُوعِ، لَكِنَّ الْحَقَّ خِلَافُ مَا قَالَ فِي تَضْعِيفِ ابْنِ فَرُّوخَ. فَقَدْ نَقَلَ الذَّهَبِيُّ تَوْثِيقَ عُمَرَ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ أَئِمَّةِ الشَّأْنِ كَأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَعِينٍ وَأَبِي حَاتِمٍ وَالرَّفْعُ زِيَادَةٌ وَهِيَ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بِسَنَدِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَاعَ لَبَنٌ فِي ضَرْعٍ أَوْ سَمْنٌ فِي لَبَنٍ» . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَفْظِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ. وَرَوَى مَرَّةً مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد، وَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ اللَّبَنِ فِي ضُرُوعِ الْغَنَمِ وَالصُّوفِ عَلَى ظُهُورِهَا فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا بِيعَ فِي غِلَافِهِ لَا يَجُوزُ كَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَاللَّحْمِ فِي الشَّاةِ الْحَيَّةِ أَوْ شَحْمِهَا وَأَلْيَتِهَا أَوْ أَكَارِعِهَا أَوْ جُلُودِهَا أَوْ دَقِيقٍ فِي هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ سَمْنٍ فِي هَذَا اللَّبَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِي غُلُفِهَا لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَّا بِإِفْسَادِ الْخِلْقَةِ، وَالْحُبُوبُ