لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ اللُّبِّ (وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ فَسَادِهِ لَمْ يَرُدَّهُ) ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ عَيْبٌ حَادِثٌ (وَ) لَكِنَّهُ (يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ بِتَسْلِيطِهِ. قُلْنَا: التَّسْلِيطُ عَلَى الْكَسْرِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا فِي مِلْكِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ، وَلَوْ وَجَدَ الْبَعْضَ فَاسِدًا وَهُوَ قَلِيلٌ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلٍ فَاسِدٍ. وَالْقَلِيلُ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ الْجَوْزُ عَادَةً كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فِي الْمِائَةِ، وَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ كَثِيرًا لَا يَجُوزُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ فَصَارَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ. .
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَرْجِعُ بِحِصَّةِ اللُّبِّ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي قِشْرِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهِ صَادَفَ مَحَلَّهُ (لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْجَوْزِ) قَبْلَ الْكَسْرِ لَيْسَ إلَّا (بِاعْتِبَارِ اللُّبِّ) وَإِذَا كَانَ اللُّبُّ لَا يَصْلُحُ لَهُ لَمْ يَكُنْ مَحَلُّ الْبَيْعِ مَوْجُودًا فَيَظْهَرُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بَاطِلًا، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ (وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ فَسَادِهِ) بِأَنْ يَأْكُلَهُ الْفُقَرَاءُ أَوْ يَصْلُحُ لِلْعَلَفِ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ فَيَرْجِعُ) بِالنُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهُ بَعْدَ الْعِلْمِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَلِذَا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذَا إذَا ذَاقَهُ فَوَجَدَهُ كَذَلِكَ فَتَرَكَهُ، فَإِنْ تَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهُ بَعْدَمَا ذَاقَهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بَيْضَ نَعَامَةٍ فَوَجَدَهَا مَذِرَةً ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ بَيْضِ النَّعَامَةِ قَبْلَ الْكَسْرِ بِاعْتِبَارِ الْقِشْرِ وَمَا فِيهِ جَمِيعًا، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ:
(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَرُدُّهُ) يَعْنِي إذَا وَجَدَهُ بَعْدَ الْكَسْرِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ بِهِ أَطْلَقَهُ، وَفِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الْكَسْرُ مِقْدَارًا لَا يُعْلَمُ الْعَيْبُ إلَّا بِهِ فَلَهُ الرَّدُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلَيْهِ انْتَهَى، وَلَيْسَ هَذَا التَّفْصِيلُ عِنْدَنَا وَلَا فِي قَوْلٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيِّ ثُمَّ وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ هَذَا الْكَسْرَ بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ كَسَرَهُ بِنَفْسِهِ (قُلْنَا: التَّسْلِيطُ عَلَى الْكَسْرِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا فِي مِلْكِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ) الْمَبِيعُ (ثَوْبًا فَقَطَعَهُ) الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهُ مَعَ أَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى قَطْعِهِ بِالْبَيْعِ فَعُرِفَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْقَطْعِ أَنَّ تَسْلِيطَهُ هَذَا هَدَرٌ، وَأَنَّ التَّسْلِيطَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ مَا لَوْ سَلَّطَهُ أَنْ يَكْسِرَهُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ: أَيْ مِلْكِ الْبَائِعِ بِأَنْ أَمَرَهُ بِكَسْرِهِ فَذَاكَ هُوَ التَّسْلِيطُ الْمَانِعُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الْكَاسِرِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَتَسْلِيطٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَكْسِرَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَلَا أَثَرَ لِهَذَا فِي نَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ (وَلَوْ وَجَدَ الْبَعْضَ فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ كَثِيرًا) مِنْ الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ (لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلٍ فَاسِدٍ) فَكَانَ كَقَلِيلِ التُّرَابِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ فَصَارَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ) فِي صَفْقَةٍ