أَمَّا الْقَتْلُ فَالْمَذْكُورُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ يَرْجِعُ) ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ دُنْيَاوِيٌّ فَصَارَ كَالْمَوْتِ حَتْفَ أَنْفِهِ فَيَكُونُ إنْهَاءً. وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُوجَدُ إلَّا مَضْمُونًا، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ هَاهُنَا بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ فَيَصِيرُ كَالْمُسْتَفِيدِ بِهِ عِوَضًا، بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لَا مَحَالَةً كَإِعْتَاقِ الْمُعْسِرِ عَبْدًا مُشْتَرَكًا، وَأَمَّا الْأَكْلُ فَعَلَى الْخِلَافِ، فَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ وَعِنْدَهُ لَا يَرْجِعُ اسْتِحْسَانًا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ لَهُمَا أَنَّهُ صَنَعَ فِي الْمَبِيعِ مَا يُقْصَدُ بِشِرَائِهِ وَيُعْتَادُ فِعْلُهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْإِعْتَاقَ. وَلَهُ أَنَّهُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْهُ فِي الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَالْقَتْلَ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِكَوْنِهِ مَقْصُودًا؛ أَلَا يَرَى أَنَّ الْبَيْعَ مِمَّا يُقْصَدُ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، فَإِنْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَصَارَ كَبَيْعِ الْبَعْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا الْقَتْلُ فَالْمَذْكُورُ) مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِيهِ (ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) عَنْ أَصْحَابِنَا (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرْجِعُ) وَذَكَرَ صَاحِبُ الْيَنَابِيعِ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ (لِأَنَّ قَتْلَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ دُنْيَاوِيٌّ) مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ (فَكَانَ كَالْمَوْتِ حَتْفَ أَنْفِهِ) وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْآخِرَةِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُوجَدُ إلَّا مَضْمُونًا) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ دَمٌ مُفَرَّجٌ» أَيْ مُهْدَرٌ (وَإِنَّمَا سَقَطَ الضَّمَانُ) عَنْ الْمَوْلَى (بِسَبَبِ الْمِلْكِ) وَكَذَا لَوْ بَاشَرَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ كَانَ مَضْمُونًا، وَلَمَّا سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الْمَوْلَى (صَارَ كَالْمُسْتَفِيدِ بِالْعَبْدِ عِوَضًا) هُوَ سَلَامَةُ نَفْسِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا وَسَلَامَةُ الدِّيَةِ لِلْمَوْلَى إنْ كَانَ خَطَأً فَكَانَ كَأَنَّهُ بَاعَهُ (بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ لَا مَحَالَةَ؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَنْفُذُ، وَعِتْقُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إنْ نَفَذَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ إذَا كَانَ مُعْسِرًا، بَلْ إذَا كَانَ مُوسِرًا عَلَى تَقْدِيرٍ فَلَمْ يُوجِبْهُ بِذَاتِهِ فَلَمْ يُسْتَفَدْ: أَيْ لَمْ يَلْزَمْ اسْتِفَادَتُهُ بِالْإِعْتَاقِ عَنْ مِلْكِهِ شَيْئًا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا.
(وَأَمَّا الْأَكْلُ فَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِهِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ عَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ (وَعِنْدَهُ لَا يَرْجِعُ اسْتِحْسَانًا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ) ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ عِنْدَهُ لَا يَرْجِعُ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ (لَهُمَا أَنَّهُ صَنَعَ بِالْمَبِيعِ مَا يُقْصَدُ بِشِرَائِهِ وَيُعْتَادُ فِعْلُهُ فِيهِ) مِنْ الْأَكْلِ وَاللُّبْسِ حَتَّى انْتَهَى الْمِلْكُ بِهِ (فَكَانَ كَالْإِعْتَاقِ) بِخِلَافِ الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ وَنَحْوِهِ مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ لَيْسَ مُعْتَادًا غَرَضًا مِنْ الشِّرَاءِ مَقْصُودًا بِهِ (وَلَهُ أَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْهُ) لَوْ وُجِدَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ: أَيْ انْتَفَى الضَّمَانُ لِمِلْكِهِ فَكَانَ كَالْمُسْتَفِيدِ بِهِ عِوَضًا (كَالْقَتْلِ) فَلَا يَرْجِعُ (وَلَا مُعْتَبَرَ بِكَوْنِهِ مَقْصُودًا) بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي إثْبَاتِ الرُّجُوعِ (أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَيْعَ مِمَّا يُقْصَدُ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ) وَجَعْلُ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانًا مَعَ تَأْخِيرِهِ جَوَابَهُ عَنْ دَلِيلِهِمَا يُفِيدُ مُخَالَفَتَهُ فِي كَوْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا.
وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْقَطْعَ وَالْخِيَاطَةَ فَإِنَّهُمَا مُوجِبَانِ لِلضَّمَانِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ مَعَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِيهِمَا، أُجِيبَ بِأَنَّ امْتِنَاعَ الرَّدِّ فِيهِمَا لِحَقِّ الشَّرْعِ لَا لِفِعْلِهِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّهُ امْتَنَعَ لِفِعْلِهِ لَا لِحَقِّ الشَّرْعِ وَهَذَا يَتِمُّ فِي الْخِيَاطَةِ لِلزِّيَادَةِ، أَمَّا فِي مُجَرَّدِ الْقَطْعِ فَلَا يَتِمُّ وَلِذَا لَوْ قِبَلَهُ الْبَائِعُ مَقْطُوعًا كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ مَخِيطًا وَمَصْبُوغًا بِغَيْرِ السَّوَادِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَهُ) يَعْنِي لَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِيمَا أَكَلَ (لِأَنَّ الطَّعَامَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ) حَتَّى كَانَ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَرُؤْيَةِ كُلِّهِ يَسْقُطُ الْخِيَارُ (فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ بَعْضَهُ) ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ