بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سِتَّةٌ: التَّحْرِيمَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] وَالْمُرَادُ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]
شَرَعَ فِي الْمَقْصُودِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ قَبْلَ الصِّفَةِ.
وَالْوَصْفُ فِي اللُّغَةِ وَاحِدٌ، وَفِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِخِلَافِهِ، وَالتَّحْرِيرُ أَنَّ الْوَصْفَ لُغَةً ذِكْرُ مَا فِي الْمَوْصُوفِ مِنْ الصِّفَةِ، وَالصِّفَةُ هِيَ مَا فِيهِ، وَلَا يُنْكِرُ أَنَّهُ يُطْلَقُ الْوَصْفُ وَيُرَادُ الصِّفَةُ، وَبِهَذَا لَا يَلْزَمُ الِاتِّحَادُ لُغَةً إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْوَصْفَ مَصْدَرُ وَصَفَهُ إذَا ذَكَرَ مَا فِيهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا بِصِفَةِ الصَّلَاةِ الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ لَهَا وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْعَقْلِيَّةُ الصَّادِقَةُ عَلَى الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهُوِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ الْجُزْئِيِّ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
(قَوْلُهُ فَرَائِضُ الصَّلَاةِ سِتَّةٌ) لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ إنْ اعْتَبَرَ آحَادَ الْفَرَائِضِ فَرِيضَةً لَمْ تَجُزْ التَّاءُ فِي عَدَدِهِ، وَإِنْ اُعْتُبِرَ فَرْضًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَمْعُهُ لِأَنَّ فَعَائِلَ إنَّمَا تَطَّرِدُ فِي كُلِّ رُبَاعِيٍّ ثَالِثُهُ مَدَّةٌ، مُؤَنَّثٍ بِالتَّاءِ، كَسَحَابَةٍ وَصَحِيفَةٍ وَحَلُوبَةٍ، أَوْ بِالْمَعْنَى كَشِمَالٍ وَعَجُوزٍ وَسَعِيدٍ عَلَمُ امْرَأَةٍ.
وَأَمَّا جَعْلُهُ فَرِيضَةً عَلَى تَأْوِيلِهِ بِالْفَرْضِ أُدْخِلَتْ التَّاءُ كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ
وَلَا أَرْضَ أَبْقَلَ إبْقَالُهَا
بِتَأْوِيلِ الْمَكَانِ فَهُوَ تَصَرُّفٌ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ، بَلْ إنَّمَا لَنَا أَنْ نُؤَوِّلَ الْوَارِدَ عَنْهُمْ مُخَالِفًا لِجَادَّتِهِمْ وَلِذَا لَمْ يُورِدْ أَهْلُ الشَّأْنِ هَذَا الْبَيْتَ إلَّا مِثَالًا لِلشُّذُوذِ، وَغَيْرَ أَنَّهُمْ عَلَّلُوا الْوَاقِعَ بِمَا ذَكَرُوا لَا أَنَّهُ أَعْطَاهُ ضَابِطَ صِحَّةِ اسْتِعْمَالِ مِثْلِهِ لِمَنْ شَاءَ قَوْلُهُ {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] وَكَذَا {وَقُومُوا لِلَّهِ} [البقرة: 238] وَاقْرَءُوا {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] أَوَامِرُ وَمُقْتَضَاهَا الِافْتِرَاضُ، وَلَمْ تُفْرَضْ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَوَجَبَ أَنْ يُرَادَ بِهَا الِافْتِرَاضُ الْوَاقِعُ فِي الصَّلَاةِ إعْمَالًا لِلنُّصُوصِ فِي حَقِيقَتِهَا حَيْثُ أَمْكَنَ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا