(وَإِنْ وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُ) اعْتِبَارًا لِلظَّاهِرِ. وَكَذَا إذَا كَانَ مَشْدُودًا عَلَى دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَيْهَا لِمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَصْرِفُهُ الْوَاجِدُ إلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ صَرْفِ مِثْلِهِ إلَيْهِ. وَقِيلَ يَصْرِفُهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لِلَّقِيطِ ظَاهِرًا (وَلَهُ وِلَايَةُ الْإِنْفَاقِ وَشِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ) كَالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِنْفَاقِ.

(وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْمُلْتَقِطِ) لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْوِلَايَةِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَالسَّلْطَنَةِ.

قَالَ (وَلَا تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ الْمُلْتَقِطِ) اعْتِبَارًا بِالْأُمِّ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ لِتَثْمِيرِ الْمَالِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالرَّأْيِ الْكَامِلِ وَالشَّفَقَةِ الْوَافِرَةِ وَالْمَوْجُودُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدُهُمَا.

ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ ذِمِّيًّا ادَّعَاهُ مَعَ مُسْلِمٍ خَارِجٍ رُجِّحَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الذِّمِّيُّ أَنَّهُ ابْنُهُ وَالْمُسْلِمُ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَهُوَ ابْنُ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُ يَفُوزُ بِالنَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ مَعَ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي دَعْوَى رِقِّهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةَ رِقِّهِ فَيَكُونُ رَقِيقًا، كَمَا أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا ادَّعَاهُ ابْنًا لَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُ كَافِرًا. وَلَوْ وُجِدَ طِفْلٌ فِي يَدِ عَبْدٍ مَحْجُورٍ ذَكَرَ أَنَّهُ الْتَقَطَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى الِالْتِقَاطِ وَكَذَّبَهُ مَوْلَاهُ. وَقَالَ هُوَ عَبْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ لَا يَدَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَمَا فِي يَدِهِ كَمَا فِي يَدِ الْمَوْلَى، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِآخَرَ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمَوْلَى، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ لِلْمَأْذُونِ يَدًا عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى صَحَّ إقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ لِغَيْرِ السَّيِّدِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ فَيَكُونُ الْوَلَدُ الَّذِي فِي يَدِهِ حُرًّا إلَّا أَنْ يُقِيمَ سَيِّدُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَبْدُهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا وُجِدَ مَعَ اللَّقِيطِ مَالٌ مَشْدُودٌ عَلَيْهِ أَوْ دَابَّةٌ هُوَ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا فَالْكُلُّ لَهُ) بِلَا خِلَافٍ (اعْتِبَارًا لِلظَّاهِرِ) أَيْ فِي دَفْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ عَنْهُ ثُمَّ يَثْبُتُ مِلْكُهُ فِي ذَلِكَ بِقِيَامِ يَدِهِ مَعَ حُرِّيَّتِهِ الْمَحْكُومِ بِهَا. وَقَوْلُهُ (لِمَا ذَكَرْنَا) يُرِيدُ قَوْلَهُ اعْتِبَارًا لِلظَّاهِرِ (ثُمَّ يَصْرِفُهُ الْوَاجِدُ إلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ) أَيْ لَا حَافِظَ لَهُ، وَمَالِكُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْحِفْظِ. (وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ صَرْفِ مِثْلِهِ إلَيْهِ) وَكَذَا لِغَيْرِ الْوَاجِدِ بِأَمْرِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ (وَقِيلَ لَهُ صَرْفُهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي) أَيْضًا (؛ لِأَنَّهُ لِلَّقِيطِ) كَمَا حَكَمَنَا بِهِ (وَلِلْوَاجِدِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ وَشِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِنْفَاقِ) وَشِرَاءُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ عَطْفٌ عَلَى وِلَايَةٍ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ وِلَايَةُ الْإِنْفَاقِ: أَيْ لِلْوَاجِدِ وِلَايَةُ الْإِنْفَاقِ، وَلَهُ شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لِلَّقِيطِ مِنْهُ، وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ.

(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ تَزْوِيجُ اللَّقِيطِ) وَاللَّقِيطَةِ (لِانْعِدَامِ سَبَبِ وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالْمِلْكِ وَالسَّلْطَنَةِ) وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ.

(وَلَا) تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ (بِبَيْعٍ) وَلَا شِرَاءِ شَيْءٍ لِيَسْتَحِقَّ الثَّمَنَ دَيْنًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي إلَيْهِ لَيْسَ إلَّا الْحِفْظُ وَالصِّيَانَةُ، وَمَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِ ذَلِكَ (اعْتِبَارًا بِالْأُمِّ) فَإِنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا تَمْلِكُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْمُلْتَقِطُ كَالتَّزْوِيجِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَصَبَةِ فَعَدَمُ مِلْكِهِ لِذَلِكَ أَوْلَى (وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ تَصَرُّفِ كُلٍّ مِنْ الْأُمِّ وَالْمُلْتَقِطِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ إنَّمَا هُوَ لِتَثْمِيرِ الْمَالِ وَذَلِكَ) إنَّمَا (يَتَحَقَّقُ بِالرَّأْيِ الْكَامِلِ وَالشَّفَقَةِ الْوَافِرَةِ وَالْمَوْجُودُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَحَدُهُمَا) ؛ لِأَنَّ فِي الْأُمِّ شَفَقَةً كَامِلَةً مَعَ قُصُورٍ فِي الرَّأْيِ، وَفِي الْمُلْتَقِطِ رَأْيٌ كَامِلٌ مَعَ قُصُورِ شَفَقَةٍ لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ، وَنَظِيرُ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَا قَدَّمَهُ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلصَّغِيرَةِ إذَا بَلَغَتْ وَقَدْ زَوَّجَهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015