فِي الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْفَرْضِ كَالظُّهْرِ مَثَلًا لِاخْتِلَافِ الْفُرُوضِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ أُصَلِّي كَذَا، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، بَلْ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَهَذِهِ بِدْعَةٌ اهـ.

وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِاجْتِمَاعِ عَزِيمَتِهِ أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ لِغَيْرِ هَذَا الْقَصْدِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ تَفَرُّقُ خَاطِرِهِ، فَإِذَا ذَكَرَهُ بِلِسَانِهِ كَانَ عَوْنًا عَلَى جَمْعِهِ. ثُمَّ رَأَيْته فِي التَّجْنِيسِ قَالَ: وَالنِّيَّةُ بِالْقَلْبِ لِأَنَّهُ عَمَلُهُ، وَالتَّكَلُّمُ لَا مُعْتَبَرَ بِهِ، وَمَنْ اخْتَارَهُ اخْتَارَهُ لِتَجْتَمِعَ عَزِيمَتُهُ (قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ جَمَاعَةٍ: إنَّهُ لَا يَكْفِيهِ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ كَوَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ فَلَا يَحْصُلُ بِمُطْلَقِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا.

وَتَحْقِيقِ الْوَجْهِ فِيهِ أَنَّ مَعْنَى السُّنِّيَّةِ كَوْنُ النَّافِلَةِ مُوَاظَبًا عَلَيْهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْفَرِيضَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَقَبْلَهَا، فَإِذَا أَوْقَعَ الْمُصَلِّي النَّافِلَةَ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الْفِعْلَ الْمُسَمَّى سُنَّةً.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ وَصْفَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ إنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ عَلَى مَا سَمِعْت، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَنْوِي السُّنَّةَ بَلْ الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَعُلِمَ أَنَّ وَصْفَ السُّنَّةِ ثَبَتَ بَعْدَ فِعْلِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ تَسْمِيَةً مِنَّا لِفِعْلِهِ الْمَخْصُوصِ لِأَنَّهُ وَصْفٌ يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى نِيَّتِهِ.

وَقَدْ حَصَلَتْ مُقَاوَلَةٌ فِي كِتَابَةِ بَعْضِ أَشْيَاخِ حَلَبِ أَنَّ الْأَرْبَعَ الَّتِي تُصَلَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ يَنْوِي بِهَا آخِرَ ظُهْرٍ أَدْرَكْت وَقْتَهُ وَلَمْ أُؤَدِّهِ بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ يَشُكُّ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ إذَا ظَهَرَ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ تَنُوبُ عَنْ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ. وَاسْتُفْتِيَ بَعْضُ أَشْيَاخِ مِصْرَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، فَقُلْت: هَذِهِ الْفَتْوَى تَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ السُّنَّةِ فِي النِّيَّةِ، وَمَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ بِنَاءٌ عَلَى التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى آخِرَ ظُهْرٍ فَقَدْ نَوَى أَصْلَ الصَّلَاةِ بِوَصْفٍ.

فَإِذَا انْتَفَى الْوَصْفُ فِي الْوَاقِعِ وَقُلْنَا عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ الْمَذْهَبِ إنَّ بُطْلَانَ الْوَصْفِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ أَصْلِ الصَّلَاةِ بَقِيَ نِيَّةُ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَبِهَا تَتَأَدَّى السُّنَّةُ ثُمَّ رَاجَعْت الْمُفْتِيَ الْمِصْرِيَّ وَذَكَرْت لَهُ هَذَا فَرَجَعَ دُونَ تَوَقُّفِ هَذَا الْأَمْرِ الْجَائِزِ، فَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ فَأَنْ يَنْوِيَ فِي السُّنَّةِ الصَّلَاةَ مُتَابَعَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا يَخْفَى تَقَيُّدُ وُقُوعِهَا عَنْ السُّنَّةِ إذَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظُهْرٌ فَائِتٍ (قَوْلُهُ كَالظُّهْرِ مَثَلًا) أَيْ إذَا قُرِنَ بِالْيَوْمِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ قَضَاءٌ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ أَوْ بِالْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، فَإِنْ خَرَجَ وَنَسِيَهُ لَا يُجْزِئُهُ فِي الصَّحِيحِ وَفَرْضُ الْوَقْتِ كَظُهْرِ الْوَقْتِ إلَّا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّهَا بَدَلُ فَرْضِ الْوَقْتِ لَا نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُ أَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ، فَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ لَا غَيْرُ اُخْتُلِفَ فِيهِ، قِيلَ لَا يُجْزِئُهُ لِاحْتِمَالِ فَائِتَةٍ عَلَيْهِ، وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الظُّهْرُ فَنَوَى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ مَثَلًا لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

وَفِي الْمُنْتَقَى: إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يَصِيرُ شَارِعًا فِي الظُّهْرِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: فَإِنْ نَوَى مَكْتُوبَتَيْنِ فَائِتَتَيْنِ كَانَتْ لِلْأُولَى مِنْهُمَا انْتَهَى. وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015