(وَإِنْ أَسَرُوا عَبْدًا فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَسَرُوهُ ثَانِيًا وَأَدْخَلُوهُ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ آخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي بِالثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَسْرَ مَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي بِالثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَسْرَ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ (ثُمَّ يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِأَلْفَيْنِ إنْ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنَيْنِ فَيَأْخُذُهُ بِهِمَا، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ الثَّانِي غَائِبًا لَيْسَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَهُ اعْتِبَارًا بِحَالِ حَضْرَتِهِ (وَلَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا أَهْلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْمَالِكِ الْقَدِيمِ مَعَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ الصَّحِيحِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ ثَبَتَ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ نَصًّا وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ. هَذَا وَلَوْ أَنَّهُ فَقِئَ عَيْنَاهُ عِنْدَ الْغَازِي الْمَقْسُومِ لَهُ فَأَخَذَ قِيمَتَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْفَاقِئِ فَلِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ أَخْذُهُ مِنْ الْفَاقِئِ بِقِيمَتِهِ أَعْمَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: بِقِيمَتِهِ سَلِيمًا وَهِيَ الَّتِي أَعْطَاهَا الْفَاقِئُ لِلْمَوْلَى. لَهُمَا أَنَّهُ فَوَّتَ وَصْفًا فَلَا يَسْقُطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ. وَلَهُ أَنَّهُ طَرَفٌ وَهُوَ مَقْصُودٌ فَهُوَ كَفَوَاتِ بَعْضِ الْأَصْلِ فَيُسْقِطُ حِصَّتَهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَالْوَلَدِ مَعَ الْأُمِّ، وَهَذَا يُنْتَقَضُ بِمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ، بَلْ الْوَجْهُ وَهُوَ الْفَرْقُ أَنَّ فَوَاتَ الطَّرَفِ هُنَا بِفِعْلِ الَّذِي مَلَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا ثُمَّ قَطَعَ طَرَفَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَكَانَ رَاضِيًا بِتَنْقِيصِهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْفَاقِئَ غَيَّرَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ.
[فَرْعٌ] . أَسَرُوا جَارِيَةً، وَأَحْرَزُوهَا ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ فَوَقَعَتْ فِي سَهْمِ غَانِمٍ فَبَاعَهَا بِأَلْفٍ فَوَلَدَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَمَاتَتْ، فَأَرَادَ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ أَخْذَ الْوَلَدِ؛ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ ذَلِكَ بِأَلْفٍ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَلْفِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَسَّمَ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْأَخْذِ، فَمَا أَصَابَ كُلًّا فَهُوَ حِصَّتُهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسَرُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (عَبْدًا) لِمُسْلِمٍ (فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ) مِنْهُمْ (بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَسَرُوهُ ثَانِيًا، وَأَدْخَلُوهُ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ آخَرُ بِأَلْفٍ فَلَيْسَ لِلْمَوْلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ أَوَّلًا (أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الثَّانِي) وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّانِي غَائِبًا كَمَا سَيَذْكُرُ (لِأَنَّ الْأَسْرَ مَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ) بَلْ عَلَى الثَّانِي، فَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ أَخْذِهِ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ إعْطَاؤُهُ لِلْمَوْلَى الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَهَبَهُ لَهُ أَخَذَهُ مَوْلَاهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ، كَمَا لَوْ وَهَبَهُ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ، ثُمَّ إذَا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِأَلْفٍ فَأَرَادَ الْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَخَذَهُ بِأَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَهُوَ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِذَلِكَ فَفِي مُقَابَلَةِ الْعَبْدِ الَّذِي غَرْضُهُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَهُ بِأَلْفٍ يَفُوتُ الْأَلْفُ الْأُخْرَى عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِلَا عِوَضٍ أَصْلًا.
[فَرْعٌ] . لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِهِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الثَّانِي بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ؛ إنْ مِثْلِيًّا فَبِمِثْلِهِ، أَوْ قِيَمِيًّا بِأَنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مُقَايَضَةً فَبِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ لِلْقَدِيمِ أَنْ يَنْقُضَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ؛ لِيَأْخُذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَّا فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْأَوَّلُ وَالْوَجْهُ فِي الْمَبْسُوطِ. وَفِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ لَوْ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يَبِيعُوهُ لَمْ يَكُنْ لِلْقَدِيمِ أَنْ يَأْخُذَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا أَهْلُ