وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعْطَاهُمْ لِلنُّصْرَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَّلَ فَقَالَ: «إنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا مَعِي هَكَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ النَّصْرِ قُرْبُ النُّصْرَةِ لَا قُرْبُ الْقَرَابَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَجَابَ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ أَنَّ الدَّلِيلَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ السَّهْمَ لِلْفَقِيرِ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ» الْحَدِيثَ، وَهُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ غَرِيبٌ، وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ.
وَأَسْنَدَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَسَاقَ السَّنَدَ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنَيْهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمَا: انْطَلِقَا إلَى عَمِّكُمَا لَعَلَّهُ يَسْتَعِينُ بِكُمَا عَلَى صَدَقَاتٍ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَاهُ بِحَاجَتِهِمَا، فَقَالَ لَهُمَا: «لَا يَحِلُّ لِأَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْءٌ وَلَا غُسَالَةُ الْأَيْدِي، إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يُغْنِيكُمْ وَيَكْفِيكُمْ» وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِهِ بِلَفْظِ «رَغِبْت لَكُمْ عَنْ غُسَالَةِ أَيْدِي النَّاسِ إنَّ لَكُمْ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يُغْنِيكُمْ» وَهُوَ إسْنَادٌ حَسَنٌ، وَلَفْظُ الْعِوَضِ إنَّمَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ بَعْضِ التَّابِعِينَ، ثُمَّ فِي كَوْنِ الْعِوَضِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ الْمُعَوَّضُ مَمْنُوعٌ، ثُمَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى، فَيَقْتَضِي اعْتِقَادَ اسْتِحْقَاقِ فُقَرَائِهِمْ أَوْ كَوْنَهُمْ مَصَارِفَ مُسْتَمِرًّا، وَيُنَافِيهِ اعْتِقَادُ حَقِيقَةِ مَنْعِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إيَّاهُمْ مُطْلَقًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَا رَوَيْنَا أَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا ذَوِي الْقُرْبَى شَيْئًا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ فُقَرَائِهِمْ، وَكَذَا يُنَافِيهِ إعْطَاؤُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْأَغْنِيَاءَ مِنْهُمْ، كَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ أَعْطَى الْعَبَّاسَ وَكَانَ لَهُ عِشْرُونَ عَبْدًا يَتَّجِرُونَ» .
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُمْ لِلنُّصْرَةِ إلَخْ) يَدْفَعُ هَذَا السُّؤَالَ الثَّانِيَ، لَكِنْ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْمُنَاقَضَةَ مَعَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْحَاصِلَ حِينَئِذٍ