يَجْعَلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ) بِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِلَالًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِأَنَّهُ أَبْلُغُ فِي الْإِعْلَامِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ (وَالتَّثْوِيبُ فِي الْفَجْرِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ حَسَنٌ) لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ (وَكُرِهَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ) وَمَعْنَاهُ الْعَوْدُ إلَى الْإِعْلَامِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ وَهُوَ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَارَفُوهُ، وَهَذَا التَّثْوِيبُ أَحْدَثَهُ عُلَمَاءُ الْكُوفَةِ بَعْدَ عَهْدِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَخَصُّوا الْفَجْرَ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَالْمُتَأَخِّرُونَ اسْتَحْسَنُوهُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوْتِ خُصُوصًا لِمَنْ خَلْفَهُ فَيَسْتَدْبِرُ وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ لِيُتِمَّ الْإِعْلَامَ
(قَوْلُهُ بِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا) رَوَى أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الْأَذَانِ لَهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ: إنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ» وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ: رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ) أَيْ الْأَذَانُ حَسَنٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ لِعَبْدِ الْقَادِرِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَعَ لَفْظَةِ الْأَمْرِ انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ مَا تَقَدَّمَ مَعَ لَفْظِ الْأَمْرِ مَصْرُوفٌ عَنْ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ شُرِعَ كَيْفِيَّةً لِمَا هُوَ سُنَّةٌ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ السُّنِّيَّةُ وَالْأَصْلِيَّةُ أَمْرٌ زَائِدٌ ذَلِكَ عَلَيْهِ صُرِفَ عَنْهُ التَّعْلِيلُ فِي النَّصِّ بِكَوْنِهِ أَرْفَعَ لِلصَّوْتِ (قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَارَفُوهُ) يُفِيدُ عَدَمَ تَعَيُّنِ الْحَيْعَلَةِ نَحْوُ: الصَّلَاةَ، أَوْ قَامَتْ قَامَتْ (قَوْلُهُ وَخَصُّوا الْفَجْرَ بِهِ) فَكَرِهُوهُ فِي غَيْرِهِ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مُؤَذِّنًا يُثَوِّبُ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: قُمْ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الْمُبْتَدِعِ. وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْكَارُهُ (قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا) يَعْنِي أَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ، وَفَسَّرَهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بِأَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ الْأَذَانِ