بِخِلَافِ الشَّرَفِ وَالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَا وَرَدَ بِاعْتِبَارِهِمَا وَنَصْبُ الشَّرْعِ بِالرَّأْيِ مُتَعَذِّرٌ، وَلِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ مُمْكِنَةٌ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ مُمْكِنٌ مِنْ الْوَطْءِ الْحَلَالِ، وَالْإِصَابَةُ شِبَعٌ بِالْحَلَالِ، وَالْإِسْلَامُ يُمَكِّنُهُ مِنْ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ وَيُؤَكِّدُ اعْتِقَادَ الْحُرْمَةِ فَيَكُونُ الْكُلُّ مَزْجَرَةً عَنْ الزِّنَا. وَالْجِنَايَةُ بَعْدَ تَوَفُّرِ الزَّوَاجِرِ أَغْلَظُ وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِي اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ لَهُمَا مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ قَدْ زَنَيَا» قُلْنَا: كَانَ ذَلِكَ بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ ثُمَّ نُسِخَ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا تَكْمُلُ الرَّغْبَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَإِذَا ظَهَرَ تَكَامُلُ الصَّارِفِ وَفِيهِ تَكَامُلُ النِّعْمَةِ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عِنْدَهَا أَفْحَشَ فَنَاسَبَ كَوْنَ الْعُقُوبَةِ أَغْلَظَ فَشُرِعَتْ لِذَلِكَ وَهِيَ الرَّجْمُ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِهَا فَنِيطَ بِهِ: أَيْ بِالِاسْتِجْمَاعِ لَهَا (بِخِلَافِ الشَّرَفِ وَالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَا وَرَدَ بِاعْتِبَارِهِمَا وَنَصْبُ الشَّرْعِ بِالرَّأْيِ مُمْتَنِعٌ) وَوَجْهُ عَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا فِي تَكْمِيلِ الْعُقُوبَةِ أَنَّهُمَا لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي تَكْمِيلِ الصَّارِفِ وَإِنْ كَانَتَا مِنْ جَلَائِلِ النِّعَمِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَأَوْرَدَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الزَّوْجِ كَافِرًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذُكِرَ فِي نَفْرَةِ الْمُسْلِمِ. وَأُجِيبَ بِأَنْ يَكُونَا كَافِرَيْنِ فَتُسْلِمَ هِيَ فَيَطَأَهَا قَبْلَ عَرْضِ الْقَاضِي الْإِسْلَامَ عَلَيْهِ وَإِبَائِهِ، وَمَا لَمْ يُفَرِّقْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِإِبَائِهِ هُمَا زَوْجَانِ (قَوْلُهُ وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِي اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ) أَيْ فِي الْإِحْصَانِ (وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ) وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَقَوْلُ مَالِكٍ كَقَوْلِنَا: فَلَوْ زَنَى الذِّمِّيُّ الثَّيِّبُ الْحُرُّ، يُجْلَدُ عِنْدَنَا وَيُرْجَمُ عِنْدَهُمْ. لَهُمْ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ امْرَأَةً مِنْهُمْ وَرَجُلًا قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الزِّنَا؟ فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ إنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا