(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا وَكَانَ حُرًّا فَحَدُّهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] إلَّا أَنَّهُ انْتَسَخَ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ فَبَقِيَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مَعْمُولًا بِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكَفَنِ وَالْحَنُوطِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ»
وَأَمَّا صَلَاتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْغَامِدِيَّةِ فَأَخْرَجَهُ السِّتَّةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ «أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَا فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ» الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، إلَى أَنْ قَالَ «فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَيْهَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وُجِدَتْ تَوْبَةٌ أَفْضَلُ مِنْ أَنَّهَا جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ» وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي أَمْرِ مَاعِزٍ «قَالَ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ، وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيْرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ» قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قِيلَ لِلْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ «وَصَلَّى عَلَيْهِ» قَالَهُ غَيْرُ مَعْمَرٍ؟ قَالَ لَا. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحُوهُ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ عَلَى مَاعِزٍ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ» فَفِيهِ مَجَاهِيلُ فَإِنَّ فِيهِ عَنْ أَبِي بِشْرٍ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ. نَعَمْ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي مَاعِزٍ «وَقَالَ لَهُ خَيْرًا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» مُعَارِضٌ صَرِيحٌ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الْمُثْبِتَ أَوْلَى مِنْ النَّافِي، لَكِنْ عَلَى أُصُولِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ النَّفْيَ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا يُعْرَفُ بِدَلِيلٍ يُسَاوِي الْإِثْبَاتَ وَيَطْلُبُ التَّرْجِيحَ بِغَيْرِهِ لَا يَنْتَهِضُ؛ لِأَنَّ هَذَا النَّفْيَ وَهُوَ كَوْنُهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا شَهِدَ الصَّلَاةَ بِتَمَامِهَا يَعْلَمُ عَدَمَ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ صَلَاتَهُ فَيَطْلُبُ التَّرْجِيحَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَعَنْ هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ الْإِمَامِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ شَرْعًا لَا شَكَّ فِيهَا، فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ قُتِلَ بِحَقٍّ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ كَالْمَقْتُولِ قِصَاصًا، بِخِلَافِ الشَّهِيدِ فَإِنَّهُ قُتِلَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يُغَسَّلُ لِيَكُونَ الْأَثَرُ شَاهِدًا لَهُ، وَالْإِظْهَارُ زِيَادَةُ تَشْرِيفِهِ بِقِيَامِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَمَّا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَلَّى عَلَى مَاعِزٍ فَفِي حَيِّزِ التَّعَارُضِ. وَالْغَامِدِيَّةُ مِنْ بَنِي غَامِدٍ حَيٌّ مِنْ الْأَزْدِ. قَالَهُ الْمُبَرِّدُ فِي الْكَامِلِ. وَفِي كِتَابِ أَنْسَابِ الْعَرَبِ غَامِدٌ بَطْنٌ مِنْ خُزَاعَةَ، وَقَدْ سَمِعْت فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ «أَتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ»
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا وَكَانَ حُرًّا فَحَدُّهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] وَإِنَّمَا قَدَّمَ الزَّانِيَةَ مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْأَصْلُ إذْ الدَّاعِيَةُ فِيهَا أَكْثَرُ وَلَوْلَا تَمْكِينُهَا لَمْ يَزْنِ، وَهَذَا