كِتَابُ الْحُدُودِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرْجُو أَنْ لَا تَحْنَثَ. فَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: لِأَنَّ قَوْلَهَا كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ، فَإِذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً عَلَيْهِ لَا تَحْنَثْ. وَلَوْ قَالَ لَهَا عِنْدَ إرَادَتِهِ الْجِمَاعَ: إنْ لَمْ تُمَكِّنِينِي أَوْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي فِي الْبَيْتِ فَلَمْ تَفْعَلْ أَوْ فَعَلَتْ بَعْدَ سَاعَةٍ إنْ كَانَ بَعْدَ سُكُونِ شَهْوَتِهِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا

وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: حَلَفَ لَا يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَجَامَعَهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا يَحْنَثُ، فَإِنْ قَالَ: عَنَيْت فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ يَحْنَثُ بِهِمَا.

وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ فَعَلْت حَرَامًا فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَهَذَا عَلَى الْجِمَاعِ، فَإِنْ عَلِمَتْهُ بِأَنَّ فِعْلَهُ بِمُعَايَنَتِهَا بِتَدَاخُلِ الْفَرْجَيْنِ وَتَعْرِفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ وَلَا زَوْجَةً أَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا أَرْبَعَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى الزِّنَا وَالزِّنَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِذَلِكَ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهَا كَفَى مَرَّةً لَا يَسَعُهَا الْمُقَامُ مَعَهُ، فَإِنْ جَحَدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ فَعَلَ وَلَيْسَ لِامْرَأَتِهِ بَيِّنَةٌ حَلَّفَتْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَإِنْ حَلَفَ وَسِعَهَا الْمُقَامُ مَعَهُ. قُلْت: فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُقَيِّدُ مَسْأَلَةَ مَا إذَا عَلِمَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا يَقِينًا ثُمَّ أَنْكَرَ فَإِنَّهَا لَا تُمَكِّنُهُ أَبَدًا، وَإِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ مَنْعَهُ عَنْهَا لَهَا أَنْ تَسُمَّهُ.

وَلَوْ قَالَ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: اكرتو باكسي حرام كِنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبَانَهَا فَجَامَعَهَا فِي الْعِدَّةِ طَلُقَتْ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ عُمُومَ اللَّفْظِ، وَأَبُو يُوسُفَ يَعْتَبِرُ الْغَرَضَ، فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ فَلَا تَطْلُقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا.

وَلَوْ قَالَ الْآخَرُ إنْ فَعَلْت فَلَمْ أَفْعَلْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ لَمْ يَفْعَلْ عَلَى فَوْرِ فِعْلِهِ حَنِثَ.

حَلَفَ لَا يَعْرِفُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ شَخْصَهُ وَنَسَبَهُ وَلَا يَعْرِفُ اسْمَهُ، فَفِي الْبَالِغِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْبَالِغِ كَذَلِكَ، وَيَحْنَثُ فِي الصَّغِيرِ، وَعَلَيْهِ فُرِّعَ مَا لَوْ وُلِدَ لِرَجُلٍ وَلَدٌ فَأَخْرَجَهُ إلَى جَارٍ لَهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ بَعْدُ فَرَآهُ الْجَارُ ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَذَا الصَّبِيَّ يَحْنَثُ.

وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا وَلَا يَدْرِي اسْمَهَا فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا لَا يَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ وَهُوَ يَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ دُونَ اسْمِهِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِهِ مَعْرِفَةَ وَجْهِهِ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ.

وَلَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ مَا دَامَ فُلَانٌ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَخَرَجَ فَفَعَلَ ثُمَّ رَجَعَ فُلَانٌ فَفَعَلَهُ ثَانِيًا لَا يَحْنَثُ.

حَلَفَ لَا أَتْرُكُ فُلَانًا يَفْعَلُ كَذَا كَلَا يَمُرُّ أَوْ لَا يَذْهَبُ مِنْ هُنَا أَوْ لَا يَدْخُلُ يَبَرُّ بِقَوْلِهِ لَهُ لَا تَفْعَلْ لَا تَخْرُجْ لَا تَمُرَّ أَطَاعَهُ أَوْ عَصَاهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

[كِتَابُ الْحُدُودِ]

(كِتَابُ الْحُدُودِ) لَمَّا اشْتَمَلَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى بَيَانِ الْكَفَّارَةِ وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعُقُوبَةِ وَالْعِبَادَةِ أَوَّلَاهَا الْحُدُودَ الَّتِي هِيَ عُقُوبَاتٌ مَحْضَةٌ انْدِفَاعًا إلَى بَيَانِ الْأَحْكَامِ بِتَدْرِيجٍ، وَلَوْلَا مَا يُعَارِضُ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةَ مِنْ لُزُومِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ الْمَحْضَةِ لَكَانَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015