. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQاتِّفَاقًا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الدَّهْرُ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمُنَكَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازًا عَمَّا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: لَا فَرْقَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ قَوْلِهِ دَهْرًا وَالدَّهْرُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُعَرَّفَ بِالِاتِّفَاقِ يُصْرَفُ إلَى الْأَبَدِ، وَإِنَّمَا تَوَقُّفُهُ فِي الْمُنَكَّرِ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَاتِهِ لَمْ تَثْبُتْ عَلَى الْأَنْحَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَدِيدُ وَالْقَصِيرُ وَالْوَسَطُ، فَلَمْ يَدْرِ بِمَاذَا يُقَدِّرُ، وَتَقْدِيرُهُ بِالْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الزَّمَانِ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْعَادِ مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يَثْبُتْ تَوْقِيتٌ فِيهِ زَائِدٌ عَلَيْهِ فَلَزِمَ التَّوَقُّفُ.

وَقِيلَ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ» فَإِذَا قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ الدَّهْرَ اُحْتُمِلَ أَنَّ الْيَمِينَ مُؤَبَّدَةٌ، وَالْمَعْنَى وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ وَاَللَّهِ، فَإِنَّك عَلِمْت أَنَّ حَرْفَ الْقَسَمِ يُحْذَفُ وَيَنْصِبُ الِاسْمَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الظَّرْفَ وَهُوَ الْأَبَدُ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

هَلْ الدَّهْرُ إلَّا لَيْلَةٌ وَنَهَارُهَا ... وَإِلَّا طُلُوعُ الشَّمْسِ ثُمَّ غِيَارُهَا

فَالنَّكِرَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْإِثْبَاتِ فَهِيَ لِلْعُمُومِ بِقَرِينَةٍ: أَيْ كُلُّ طُلُوعٍ وَكُلُّ غُرُوبٍ إلَخْ، وَعُرِفَ أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِثْبَاتِ لِلْعُمُومِ بِقَرِينَةٍ مِثْلُ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ وَهَذَا الْوَجْهُ يُوجِبُ تَوَقُّفَهُ فِي الْمُعَرَّفِ أَيْضًا لِأَنَّ الَّذِي يُرَادُ بِهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْمُعَرَّفُ مِنْهُ لَا الْمُنَكَّرُ، وَتَوَقُّفُهُ دَلِيلُ فِقْهِهِ وَدِينِهِ وَسُقُوطِ اعْتِبَارِهِ نَفْسِهِ، رَحِمَنَا اللَّهُ بِهِ، وَقَدْ نَظَمَ جُمْلَةَ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:

مَنْ قَالَ لَا أَدْرِي لِمَا لَمْ يَدْرِهِ ... فَقَدْ اقْتَدَى فِي الْفِقْهِ بِالنُّعْمَانِ

فِي الدَّهْرِ وَالْخُنْثَى كَذَاك جَوَابُهُ ... وَمَحَلُّ أَطْفَالٍ وَوَقْتُ خِتَانِ

وَالْمُرَادُ بِالْأَطْفَالِ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَا قَدَّمْنَا فِي الْجَنَائِزِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015