وَيُسَمِّي قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ.
قَالَ (وَالسِّوَاكُ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ وَعِنْدَ فَقْدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضُهُمْ بِأَنَّ وُجُوبَ الْفَاتِحَةِ لَيْسَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» بَلْ بِالْمُوَاظَبَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْكٍ لِذَلِكَ، فَالْجَوَابُ إنْ أَرَادُوا بِظَنِّيِّ الدَّلَالَةِ مُشْتَرَكَهَا سَلَّمْنَا الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ وَمَنَعْنَا كَوْنَ الْخَبَرَيْنِ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ نَفْيُ الْكَمَالِ فِيهِمَا احْتِمَالٌ يُقَابِلُهُ الظُّهُورُ فَإِنَّ النَّفْيَ مُتَسَلِّطٌ عَلَى الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِيهِمَا.
فَإِنْ قُلْنَا: النَّفْيُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى نَفْسِ الْجِنْسِ بَلْ يَنْصَرِفُ إلَى حُكْمِهِ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فِي الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ الصِّحَّةُ فَإِنَّهُ الْمَجَازُ الْأَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنْ قُلْنَا يَتَسَلَّطُ هُنَا؛ لِأَنَّهَا حَقَائِقُ شَرْعِيَّةٌ فَيَنْتَفِي شَرْعًا لِعَدَمِ الِاعْتِبَارِ شَرْعًا، وَإِنْ وُجِدَتْ حِسًّا فَأَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ، فَنَفْيُ الْكَمَالِ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ احْتِمَالٌ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ مَا فِيهِ احْتِمَالٌ، وَلَوْ مَرْجُوحًا مَنَعْنَا صِحَّةَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَأَسْنَدْنَاهُ بِأَنَّ الظَّنَّ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالِاحْتِمَالِ الرَّاجِحِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُ مُتَعَلَّقِهِ، وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي خَبَرِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مِنْ طَرَفِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا تَجُوزُ لَكِنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ فَعَمَلنَا بِوُجُوبِهَا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
[فَرْعٌ]
نَسِيَ التَّسْمِيَةَ فَذَكَرَهَا فِي خِلَالِ الْوُضُوءِ فَسَمَّى لَا يُحَصِّلُ السُّنَّةَ، بِخِلَافِ نَحْوِهِ فِي الْأَكْلِ.
كَذَا فِي الْغَايَةِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْوُضُوءَ عَمَلٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ الْأَكْلِ، وَهُوَ إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ فِي الْأَكْلِ تَحْصِيلَ السُّنَّةِ فِي الْبَاقِي لَا اسْتِدْرَاكَ مَا فَاتَ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ قَبْلَهُ فَقَطْ وَمَا قِيلَ بَعْدَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ حَالَ الِانْكِشَافِ، وَالْأَصَحُّ قَبْلَهُ أَيْضًا لَا حَالَ الِانْكِشَافِ، وَلَا فِي مَحَلِّ النَّجَاسَةِ، وَمِنْ الثَّابِتِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» وَالْمُرَادُ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ ذُكْرَانِ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثِهِمْ.
(قَوْلُهُ وَالسِّوَاكُ) أَيْ الِاسْتِيَاكُ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ (لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ) الْمَطْلُوبُ مُوَاظَبَتُهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ، وَلَمْ أَعْلَمْ حَدِيثًا صَرِيحًا فِيهِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ» وَفِي لَفْظٍ «إذَا قَامَ لِيَتَهَجَّدَ» وَفِي مُسْلِمٍ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَخَلَ بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ» وَفِي أَبِي دَاوُد «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْتَيْقِظُ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إلَّا تَسَوَّكَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ» وَفِي الطَّبَرَانِيِّ «مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ حَتَّى يَسْتَاكَ» وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مُحَافَظَتِهِ عَلَى السِّوَاكِ اسْتِيَاكُهُ بِسِوَاكِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عِنْدَ وَفَاتِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَفِيهِمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» وَعِنْدَ النَّسَائِيّ فِي رِوَايَةٍ «عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ» وَرَوَاهَا