(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَالْمَبْتُوتَةِ الْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَخْرُجُ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ وَلَا تَبِيتُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا) أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قِيلَ الْفَاحِشَةُ نَفْسُ الْخُرُوجِ، وَقِيلَ الزِّنَا، وَيَخْرُجْنَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ، وَأَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَلِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ نَهَارًا لِطَلَبِ الْمَعَاشِ، وَقَدْ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَهْجُمَ اللَّيْلُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ دَارَةٌ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا،

ـــــــــــــــــــــــــــــQتَصْرِيحًا {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} [البقرة: 235] فَاذْكُرُونَهُنَّ {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] أَيْ نِكَاحًا فَلَا تَقُولُوا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَك وَسُمِّيَ النِّكَاحُ سِرًّا لِأَنَّهُ سَبَبُ السِّرِّ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ فَإِنَّهُ مِمَّا يُسَرُّ، وَحَدِيثُ «السِّرُّ النِّكَاحُ» الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ غَرِيبٌ {إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا} [البقرة: 235] وَالِاسْتِثْنَاءُ يَتَعَلَّقُ بِلَا تُوَاعِدُوهُنَّ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمَعْرُوفَ لَيْسَ دَاخِلًا فِي السِّرِّ وَالِاسْتِدْرَاكُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَحْذُوفِ الَّذِي أَبْرَزْنَا صُورَتَهُ وَهُوَ فَاذْكُرُوهُنَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَبَعْضَ اللَّيْلِ) يَخُصُّهُ مِنْ التَّعْلِيلِ قَوْلُهُ وَقَدْ يَمْتَدُّ إلَى أَنْ يَهْجُمَ اللَّيْلُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا بَأْسَ أَنْ تَغِيبَ عَنْ بَيْتِهَا أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهَا الْبَيْتُوتَةُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا، وَالْبَيْتُوتَةُ هِيَ الْكَيْنُونَةُ فِي جَمِيعِ اللَّيْلِ نَقَلَهُ فِي الْكَافِي، وَقَدْ مَرَّ قَبْلَهُ مَا يَنْفِي اخْتِيَارَ صِحَّتِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهَا وَعَسَى لَا تَجِدُ مَنْ يَكْفِيهَا مَئُونَتَهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ لِنَفَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّ أَمْرَ الْمَعَاشِ يَكُونُ بِالنَّهَارِ عَادَةً دُونَ اللَّيَالِي فَأُبِيحَ الْخُرُوجُ لَهَا بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيَالِي انْتَهَى. وَيُعْرَفُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَيْضًا أَنَّهَا إذَا كَانَ لَهَا قَدْرُ كِفَايَتِهَا صَارَتْ كَالْمُطَلَّقَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِزِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَدَارَ الْحَلِّ كَوْنُ غَيْبَتِهَا بِسَبَبِ قِيَامِ شُغْلِ الْمَعِيشَةِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، فَمَتَى انْقَضَتْ حَاجَتُهَا لَا يَحِلُّ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَرْفُ الزَّمَانِ خَارِجَ بَيْتِهَا.

(قَوْلُهُ أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] الْآيَةَ) اشْتَمَلَتْ عَلَى نَهْيِ الْأَزْوَاجِ عَنْ إخْرَاجِهِنَّ غَضَبًا عَلَيْهِنَّ وَكَرَاهَةً لِمُسَاكَنَتِهِنَّ أَوْ لِحَاجَتِهِمْ إلَى الْمَسَاكِنِ، وَعَلَى نَهْيِ الْمُطَلَّقَاتِ عَنْ الْخُرُوجِ وَنَهْيُهُنَّ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ أُوْقِعَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قِيلَ: الْفَاحِشَةُ نَفْسُ الْخُرُوجِ، قَالَهُ النَّخَعِيُّ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقِيلَ الزِّنَا، فَيَخْرُجْنَ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِنَّ وَهُوَ قَوْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015