وَلَنَا أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِتَمَكُّنِ الِاحْتِمَالِ قَبْلَهُ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَرَفَ قِيَامَ الْحَبَلِ بِطَرِيقِ الْوَحْيِ
(وَإِذَا نَفَى الرَّجُلُ وَلَدَ امْرَأَتِهِ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ أَوْ فِي الْحَالَةِ الَّتِي تَقْبَلُ التَّهْنِئَةَ وَتُبْتَاعُ آلَةُ الْوِلَادَةِ صَحَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQآخِرِ مَا قَدَّمْنَا فَانْظُرْهُ كَانَ إمَّا لِعِلْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَمْلِهَا مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ أَوْ لِأَنَّ اللِّعَانَ تَأَخَّرَ حَتَّى ظَهَرَ الْحَمْلُ، وَكَذَا أَنْكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِعَانَ هِلَالٍ بِالْحَمْلِ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، عَلَى أَنَّ كَوْنَ لِعَانِهِمَا كَانَ قَبْلَ الْوَضْعِ مُعَارَضًا، فَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ وَضْعِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ «فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ بَيِّنْ، فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِاَلَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَلَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا» فَلَا يُسْتَدَلُّ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِأَنَّ التَّعَارُضَ يُوجِبُ التَّوَقُّفَ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَمْلِ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِلِاحْتِمَالِ قَبْلَهَا، إذْ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ نَفْخًا أَوْ مَاءً.
وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِي عَنْ بَعْضِ خَوَاصِّهَا أَنَّهَا ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ وَاسْتَمَرَّ إلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَشْكُكْنَ فِيهِ حَتَّى تَهَيَّأْنَ لَهُ بِتَهْيِئَةِ ثِيَابِ الْمَوْلُودِ ثُمَّ أَصَابَهَا طَلْقٌ وَجَلَسَتْ الدَّايَةُ تَحْتَهَا وَلَمْ تَزَلْ تَعْصِرُ الْعَصْرَةَ بَعْدَ الْعَصْرَةِ وَفِي كُلِّ عَصْرَةٍ تَجِدُ مَاءً حَتَّى قَامَتْ فَارِغَةً مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ.
وَأَمَّا تَوْرِيثُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ. وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ فَعِتْقُهُ مُعَلَّقٌ مَعْنًى. وَأَمَّا رَدُّ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بِالْحَمْلِ فَلِأَنَّ الْحَمْلَ ظَاهِرٌ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَا يَمْتَنِعُ بِالشُّبْهَةِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: لَا يَقْطَعُ نَسَبَ الْحَمْلِ قَبْلَ وَضْعِهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ.
أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَثْبُتُ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْوَلَدِ بِالِانْفِصَالِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ وَالْوَصِيَّةَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ، بِخِلَافِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ لِأَنَّ الْحَمْلَ ظَاهِرٌ وَاحْتِمَالُ الرِّيحِ شُبْهَةٌ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَا يَمْتَنِعُ بِالشُّبْهَةِ، وَيَمْتَنِعُ اللِّعَانُ بِهَا لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْحُدُودِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْعَيْبِ
(قَوْلُهُ وَإِذَا نَفَى الرَّجُلُ) الْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيَانُ شَرْطِ اعْتِبَارِ صِحَّةِ نَفْيِ الْوَلَدِ، وَلَهُ