وَالرَّغْبَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَفْتُرُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَ لَكِنْ تَكْثُرُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي وَطْءٍ غَيْرِ مُعَلَّقٍ فِرَارًا عَنْ مُؤَنِ الْوَلَدِ فَكَانَ الزَّمَانُ زَمَانَ رَغْبَةٍ وَصَارَ كَزَمَانِ الْحَبَلِ.
(وَطَلَاقُ الْحَامِلِ يَجُوزُ عَقِيبَ الْجِمَاعِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهِ وَجْهِ الْعِدَّةِ، وَزَمَانُ الْحَبَلِ زَمَانُ الرَّغْبَةِ فِي الْوَطْءِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ أَوْ يَرْغَبُ فِيهَا لِمَكَانِ وَلَدِهِ مِنْهَا فَلَا تَقِلُّ الرَّغْبَةُ بِالْجِمَاعِ (وَيُطَلِّقُهَا لِلسُّنَّةِ ثَلَاثًا يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَتَيْنِ بِشَهْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ) وَزُفَرُ (لَا يُطَلِّقُهَا لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً)
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ لَا تَرَاهُ فَتَسْتَمِرُّ فِي الْعِدَّةِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَمْلُهَا وَتَضَعَ أَوْ يَظْهَرَ أَنَّهُ امْتَدَّ طُهْرُهَا بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا فَتَصْبِرُ لِأَمْرِ اللَّهِ، فَهَذَا الْحَالُ لَا يَخْتَلِفُ بِوَطْئِهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي فِيهِ الطَّلَاقُ وَعَدَمِ وَطْئِهَا فِيهِ، فَظَهَرَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِاشْتِبَاهِ وَجْهِ الْعِدَّةِ لَا أَثَرَ لَهُ، إذْ لَمْ يَبْقَ فَرْقٌ بَيْنَ اعْتِدَادِهَا إذَا جُومِعَتْ فِي الطُّهْرِ وَعَدَمِهِ إلَّا بِتَجْوِيزِ أَنَّهَا حَمَلَتْ أَوَّلًا وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ مَعَهُ الْحَالُ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ اعْتِدَادِهَا. لَا يُقَالُ: إنَّهُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الِانْفِصَالِ مِنْ الْوَطْءِ يَجُوزُ الْحَبَلُ وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ فَلَا يُجْزَمُ بِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ ثَلَاثًا إلَّا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَظْهَرُ فِي مِثْلِهَا الْحَبَلُ وَلَمْ يَظْهَرْ بَلْ وَعَلَى أَصْلِنَا؛ لِأَنَّا لَا نَمْنَعُ مِنْ رُؤْيَةِ الْحَامِلِ الدَّمَ، بَلْ نَقُولُ: إنَّ مَا تَرَاهُ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، فَمَعَ تَجْوِيزِ الْحَبَلِ لَا يُتَيَقَّنُ بِأَنَّ مَا رَأَتْهُ حَيْضٌ أَوْ اسْتِحَاضَةٌ وَهِيَ حَامِلٌ إلَى أَنْ تَذْهَبَ مُدَّةٌ لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فِيهَا لَظَهَرَ الْحَبَلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا بِعَيْنِهِ جَارٍ فِيمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ طُهْرُ الطَّلَاقِ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ مَانِعًا مُنِعَ الْوَطْءُ فِيهِ أَيْضًا خُصُوصًا فِي آخِرِهِ. وَالْحَقُّ أَنَّ كَرَاهَةَ الطَّلَاقِ عَقِيبَ الْجِمَاعِ فِي ذَاتِ الْحَيْضِ لِعُرُوضِ النَّدَمِ بِظُهُورِ الْحَبَلِ لِمَكَانِ الْوَلَدِ وَشَتَاتِ حَالِهِ وَحَالِ أُمِّهِ.
(قَوْلُهُ وَطَلَاقُ الْحَامِلِ يَجُوزُ عَقِيبَ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهِ وَجْهِ الْعِدَّةِ) إنْ اُعْتُبِرَ حَاظِرًا؛ وَلِأَنَّهُ زَمَانُ الرَّغْبَةِ فِي الْوَطْءِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ؛ لِأَنَّهُ اُتُّفِقَ أَنَّهَا قَدْ حَبِلَتْ أَحَبَّهُ أَوْ سَخِطَهُ فَبَقِيَ آمِنًا مِنْ غَيْرِهِ فَيَرْغَبُ فِيهِ لِذَلِكَ، أَوْ لِمَكَانِ وَلَدِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى بِهِ الْوَلَدُ فَيَقْصِدُ بِهِ نَفْعَهُ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ فِيهَا بَلْ الرَّغْبَةُ فِي الْوَطْءِ لِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَيُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ تَطْلِيقَتَيْنِ بِشَهْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: لَا يُطَلِّقُهَا لِلسُّنَّةِ إلَّا وَاحِدَةً)