وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَسَحَ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ» وَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْخُفِّ اسْتِعْمَالًا وَغَرَضًا فَصَارَا كَخُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ لَا عَنْ الْخُفِّ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَبِسَ الْجُرْمُوقَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ لِأَنَّ الْحَدَثَ حَلَّ بِالْخُفِّ فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْجُرْمُوقُ مِنْ كِرْبَاسَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ إلَّا أَنْ تَنْفُذَ الْبَلَّةُ إلَى الْخُفِّ.
(وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا أَنْ يَكُونَا مُجَلَّدَيْنِ أَوْ مُنَعَّلَيْنِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَجُوزُ لِأَنَّ وَظِيفَةَ الْمَسْحِ اسْتَقَرَّتْ لِلْخُفِّ لِحُلُولِ الْحَدَثِ بِهِ فَلَا يُزَالُ بِمَسْحِ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ لَبِسَ الْمُوقَيْنِ قَبْلَ الْحَدَثِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ خُفَّيْهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَسَحَ فِي غَيْرِ مَحِلِّ الْحَدَثِ، وَلَوْ نَزَعَ أَحَدَ مُوقَيْهِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا وَجَبَ مَسْحُ الْخُفِّ الْبَادِي وَإِعَادَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْمُوقِ لِانْتِقَاضِ وَظِيفَتِهِمَا كَنَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ. وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْأَصْلِ: يُنْزَعُ الْآخَرُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ لَوْ لَبِسَ عَلَى أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخُفِّ الْآخَرَ، فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ خُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ فَمَسَحَ عَلَى الْعُلْيَا ثُمَّ نَزَعَهَا لَيْسَ عَلَيْهِ مَسْحُ السُّفْلَى لِلْوِحْدَةِ الْحَقِيقَةِ فَهُوَ كَقِشْرِ جَلْدَةِ خُفٍّ مَسَحَ عَلَيْهَا أَوْ حَلَقَ شَعْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ (قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ بِلَالٍ قَالَ «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَالْخِمَارِ» وَلِأَبِي دَاوُد «كَانَ يَخْرُجُ فَيَقْضِي حَاجَتَهُ فَآتِيهِ بِالْمَاءِ فَيَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَمُوقَيْهِ» قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمُطَرِّزِيُّ: الْمُوقُ خُفٌّ قَصِيرٌ يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعْرَبٌ، ثُمَّ أَلْحَقَهُ بِخُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ.
وَأَجَابَ عَنْ اعْتِبَارِهِ بَدَلَ الْخُفِّ الْمُسْتَلْزِمِ نَصْبَ الْإِبْدَالِ بِالرَّأْيِ، وَوَجْهُ الْإِلْحَاقِ بِالْخُفِّ وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ فِي الْكِتَابِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ)