. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخِيَارٍ بَعْدَ مُجَرَّدِ الْخَلْوَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَلْحَقَ الْخَلْوَةُ بِالْوَطْءِ، فَكَأَنَّهَا هُوَ وَفِيهِ تَسَاهُلٌ، ثُمَّ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ عِدَّةٍ عَنْ فَسْخٍ بِعُرُوضِ حُرْمَةٍ مُؤَبَّدَةٍ أَوْ غَيْرِ مُؤَبَّدَةٍ لَا يَقَعُ فِيهَا طَلَاقٌ وَلَا شَكَّ فِيهِ فِي الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ، كَمَا إذَا عَرَضَتْ الْحُرْمَةُ بِتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي اعْتِبَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّتُ بِغَايَةٍ لِيُفِيدَ الطَّلَاقَ فَائِدَتُهُ. وَأَمَّا فِي الْفَسْخِ بِغَيْرِهَا فَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ خِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَا بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَنُقْصَانِ الْمَهْرِ، وَعَلَى هَذَا إذَا سُبِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الزَّوْجِ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْبِيَّ إذَا كَانَ الزَّوْجُ فَلَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْحَرْبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فَكَذَلِكَ لِحِلِّهَا لِلسَّابِي بِالِاسْتِبْرَاءِ.
وَمِثْلُهُ لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِمُهَاجَرَةِ أَحَدِهِمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَا يَقَعُ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الرَّجُلُ فَلَا عِدَّةَ عَلَى الْحَرْبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَهِيَ عِدَّةٌ لَا تُوجِبُ مِلْكَ يَدٍ إذْ لَا يَدَ لِلْحَرْبِيِّ، وَأَقَلُّ مَا يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ مِلْكُ الْيَدِ فَكَانَتْ كَالْعِدَّةِ عَنْ الْفُرْقَةِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ الزَّوْجَانِ مُسْتَأْمَنَيْنِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ صَارَ ذِمِّيًّا فَهِيَ امْرَأَتُهُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ، فَإِذَا حَاضَتْهَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِلَا طَلَاقٍ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّ الْمُصِرَّ مِنْهُمَا كَأَنَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرُّجُوعِ، إلَّا أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الذِّمِّيَّيْنِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَاءِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْآبِيَةَ مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ هُنَاكَ فَسْخٌ، وَبِهِ يُنْتَقَضُ مَا قِيلَ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ، وَيُنْتَقَضُ أَيْضًا بِالْمُرْتَدِّ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ بِرِدَّتِهِ فَسْخٌ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةَ فَهِيَ فَسْخٌ اتِّفَاقًا، وَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَحَلِّيَّتِهَا لِلطَّلَاقِ لَوْ هَاجَرَتْ فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ فَهَاجَرَ بَعْدَهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ عَلَى قَوْلِهِمَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يَقَعُ طَلَاقُهُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ اشْتَرَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بَعْدَمَا دَخَلَ بِهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَطَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يَقَعُ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا: يَعْنِي فَأَعْتَقَتْهُ، فَحَكَى الْخِلَافَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى عَكْسِ مَا حَكَاهُ فِي الْمَنْظُومَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ اتِّفَاقًا.
فَلَوْ عَادَ وَهِيَ بَعْدُ فِي الْعِدَّةِ فَطَلَّقَهَا فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى الْحَرْبِيَّةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ عِنْدَهُمَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ فَمَا إذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَةُ الْحَرْبِيِّ وَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ يَتَأَخَّرُ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا إلَى مُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ أُخْرَى وَهِيَ فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ، وَلِهَذَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْفُرْقَةَ لَيْسَتْ لِلتَّبَايُنِ بَلْ لِلْإِبَاءِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّةَ أُقِيمَتْ مَقَامَ إبَائِهِ بَعْدَ الْعَرْضِ فَلِذَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُهُ.
وَأَمَّا وَصْفُهُ فَهُوَ أَبْغَضُ الْمُبَاحَاتِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ أَبْغَضَ الْمُبَاحَاتِ عِنْدَ اللَّهِ الطَّلَاقُ» فَنَصَّ عَلَى إبَاحَتِهِ وَكَوْنِهِ مَبْغُوضًا وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَرَتُّبَ لَازِمِ الْمَكْرُوهِ الشَّرْعِيِّ إلَّا لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ وَصْفِهِ بِالْبُغْضِ إلَّا لَوْ لَمْ يَصِفْهُ بِالْإِبَاحَةِ لَكِنَّهُ وَصَفَهُ بِهَا؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْدَمَا أُضِيفَ إلَيْهِ، وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَبْغُوضٌ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَا رُتِّبَ عَلَى الْمَكْرُوهِ، وَدَلِيلُ نَفْيِ الْكَرَاهَةِ قَوْله تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ