وَلَا يُعْتَبَرُ الْفِطَامُ قَبْلَ الْمُدَّةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ. وَوَجْهُهُ انْقِطَاعُ النُّشُوءِ بِتَغَيُّرِ الْغِذَاءِ وَهَلْ يُبَاحُ الْإِرْضَاعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ؟ فَقِيلَ لَا يُبَاحُ؛ لِأَنَّ إبَاحَتَهُ ضَرُورِيَّةٌ لِكَوْنِهِ جُزْءُ الْآدَمِيِّ. .
قَالَ (وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا (إلَّا أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا يَجُوزُ) أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاَللَّهِ أَرْضَعْتُهَا، قَالَ عُمَرُ: أَوْجِعْهَا وَائْتِ جَارِيَتَك فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ رَضَاعَةُ الصَّغِيرِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْفِطَامُ قَبْلَ الْمُدَّةِ) حَتَّى لَوْ فُطِمَ قَبْلَ الْمُدَّةِ ثُمَّ أُرْضِعَ فِيهَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا فُطِمَ قَبْلَ الْمُدَّةِ وَصَارَ بِحَيْثُ يَكْتَفِي بِغَيْرِ اللَّبَنِ لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ إذَا رَضَعَ فِيهَا، رَوَاهَا الْحَسَنُ عَنْهُ.
وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ الْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، أَنَّهَا تَثْبُتُ مَا لَمْ تَمْضِ إقَامَةٌ لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ، فَإِنَّ مَا قَبْلَ الْمُدَّةِ مَظِنَّةُ عَدَمِ الِاسْتِغْنَاءِ (وَهَلْ يُبَاحُ الْإِرْضَاعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ؟ قِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ فَلَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا لِلضَّرُورَةِ) وَقَدْ انْدَفَعَتْ، وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلتَّدَاوِي، وَأَهْلُ الطِّبِّ يُثْبِتُونَ لِلَبَنِ الْبِنْتِ أَيْ الَّذِي نَزَلَ بِسَبَبِ بِنْتٍ مُرْضِعَةٍ نَفْعًا لِوَجَعِ الْعَيْنِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، قِيلَ لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَزُولُ بِهِ الرَّمَدُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَقِيقَهُ الْعِلْمِ مُتَعَذِّرَةٌ فَالْمُرَادُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْنَى الْمَنْعِ.
(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ) وَهُوَ بِهَذَا اللَّفْظِ (قَوْلُهُ إلَّا أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ) يَصِحُّ اتِّصَالُ قَوْلِهِ مِنْ الرَّضَاعِ بِكُلٍّ مِنْ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَبِهِمَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى. فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ أُخْتٌ مِنْ النَّسَبِ لَهَا أُمٌّ مِنْ الرَّضَاعَةِ لَمْ تَكُنْ أَرْضَعَتْهُ تَحِلُّ لَهُ. وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَهُ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ لَهَا أُمٌّ مِنْ النَّسَبِ تَحِلُّ لَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ هِيَ الْمُرْضَعَةُ.
وَالثَّالِثُ أَنْ يُرْضِعَ الصَّبِيَّ وَالصَّبِيَّةَ امْرَأَةٌ وَلِأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أُمٌّ أُخْرَى مِنْ الرَّضَاعِ يَحِلُّ لِلصَّبِيِّ تِلْكَ الْأُمُّ، أَمَّا مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ فَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمِّ حَالًا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ مَعْرِفَةٌ فَيَجِيءُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالًا مِنْهُ لَا مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَلَيْسَ صِفَةً؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ: أَعْنِي أُمَّ أُخْتِهِ، بِخِلَافِ أُخْتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٍ مِنْ مُسَوِّغَاتِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْهُ، وَمِثْلُ هَذَا يَجِيءُ فِي أُخْتِ ابْنِهِ، وَلَوْ قَالَ أُخْتُ وَلَدِهِ كَانَ أَشْمَلَ، فَالْأَوَّلُ لَهُ ابْنٌ مِنْ النَّسَبِ لَهُ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ بِأَنْ ارْتَضَعَ مَعَ أَجْنَبِيَّةٍ مَنْ لَمْ تَكُنْ امْرَأَةَ أَبِيهِ حَلَّتْ لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَا رَبِيبَتُهُ، وَالثَّانِي لَهُ ابْنٌ مِنْ الرَّضَاعِ بِأَنْ ارْتَضَعَ زَوْجَةَ الرَّجُلِ حَلَّتْ لِلرَّجُلِ أُخْتُهُ مِنْ النَّسَبِ، وَالثَّالِثُ لَهُ ابْنٌ مِنْ الرَّضَاعِ كَمَا ذَكَرْنَا لَهُ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ مِنْ غَيْرِ زَوْجَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِأَنْ ارْتَضَعَ ذَلِكَ الْوَلَدُ امْرَأَتَيْنِ حَلَّتْ أُخْتُهُ لِأَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ. وَعَلَّلَ اسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلِ بِعَدَمِ وُجُودِ الْمُحَرَّمِ مِنْ النَّسَبِ فِيهِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ بَعْدَ تَعْلِيلِهِ الْحُرْمَةَ فِي أُمِّ أُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ بِكَوْنِهَا أُمَّهُ أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبِيهِ، وَكَذَا فِي تَعْلِيلِهِ إخْرَاجَ أُخْتِ