فِي الدَّعْوَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
(وَيَجُوزُ نِكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْوَلِيُّ بِكْرًا كَانَتْ الصَّغِيرَةُ أَوْ ثَيِّبًا وَالْوَلِيُّ هُوَ الْعَصَبَةُ) وَمَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُخَالِفُنَا فِي غَيْرِ الْأَبِ، وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَفِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ أَيْضًا. وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَى الْحُرَّةِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا لِانْعِدَامِ الشَّهْوَةِ، إلَّا أَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ ثَبَتَتْ نَصًّا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ وَالْجَدُّ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعِصْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ تَلْزَمُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ بَقِيَ النِّكَاحُ عِنْدَهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْلَافِ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ، وَزِيدَ عَلَيْهَا دَعْوَى الْأَمَةِ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَجَمَعْتهَا فِي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ:
نِكَاحٌ وَفَيْئَةُ إيلَائِهِ ... وَرِقٌّ وَرَجْعُ وَلَاءِ نَسَبْ
وَدَعْوَى الْإِمَاءِ أُمُومِيَّةً ... فَلَيْسَ بِهَا مِنْ يَمِينٍ وَجَبْ
وَسَيَأْتِي فِي الدَّعْوَى صُوَرُهَا، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِيهَا. وَقِيلَ يَتَأَمَّلُ الْقَاضِي فِي حَالِ الْمُدَّعِي، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ التَّعَنُّتُ قَضَى بِقَوْلِهِ وَإِلَّا بِقَوْلِهِمَا. وَفِي الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ فَأَنْكَرَ يَحْلِفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي الْكَبِيرَةِ لَا اعْتِبَارَ بِالْإِقْرَارِ فِيهِمَا. وَاسْتَشْكَلَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْيَمِينِ عِنْدَهُ لِامْتِنَاعِ الْبَذْلِ لَا لِامْتِنَاعِ الْإِقْرَارِ، أَلَا تَرَى أَنَّ امْرَأَةً لَوْ أَقَرَّتْ لِرَجُلٍ بِنِكَاحٍ نَفَذَ إقْرَارُهَا وَمَعَ هَذَا لَا تَحْلِفُ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا فَأَنْكَرَتْ فَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَهُمَا
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ نِكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إذَا زَوَّجَهُمَا الْوَلِيُّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فَأَثْبَتَ الْعِدَّةَ لِلصَّغِيرَةِ وَهُوَ فَرْعُ تَصَوُّرِ نِكَاحِهَا شَرْعًا فَبَطَلَ بِهِ مَنْعُ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَصَمِّ مِنْهُ، وَتَزْوِيجُ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ نَصٌّ قَرِيبٌ مِنْ الْمُتَوَاتِرِ، وَتَزَوُّجُ قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ بِنْتَ الزُّبَيْرِ يَوْمَ وُلِدَتْ مَعَ عِلْمِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - نَصٌّ فِي فَهْمِ الصَّحَابَةِ عَدَمَ الْخُصُوصِيَّةِ فِي نِكَاحِ عَائِشَةَ.
(قَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ هُوَ الْعَصَبَةُ، وَمَالِكٌ يُخَالِفُنَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالشَّافِعِيُّ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَفِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ) فَعِنْدَهُ لَا يَلِي عَلَيْهَا أَحَدٌ حَتَّى تَبْلُغَ فَتُزَوَّجَ بِإِذْنِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا.
وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَى