وَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْوَلِيُّ بِالتَّزْوِيجِ كَيْ لَا تُنْسَبَ إلَى الْوَقَاحَةِ، ثُمَّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُفْءِ وَغَيْرِ الْكُفْءِ وَلَكِنْ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ فِي غَيْرِ الْكُفْءِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالصِّغَرُ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُ، وَالْمَفْسَدَةُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ لَازِمَةً لِمُبَاشَرَتِهَا وَلَا غَالِبَةً، وَلَا يُنَاطُ الْحُكْمُ بِالْأُنُوثَةِ إذْ لَيْسَتْ مَلْزُومَةً دَائِمًا وَلَا غَالِبًا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمَظِنَّةِ، وَمُجَرَّدُ الْوُقُوعِ أَحْيَانَا لَا يُوجِبُ الْمَظِنَّةَ، وَإِذَا وُجِدَ فَلِلْوَلِيِّ رَفْعُهُ، وَكَوْنُ وَلِيٍّ يَحْتَشِمُ عَنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ يَقُومُ فِي دَفْعِ الْعَارِ الْمُسْتَمِرِّ عَنْ نَفْسِهِ، فَوُقُوعُ الْمَفْسَدَةِ قَلِيلٌ وَتَقْرِيرُهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا قَلِيلٌ فِي قَلِيلٍ فَانْتَفَتْ الْمَظِنَّةُ، وَبَقِيَ أَنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهَا عَاقِلَةً بَالِغَةً، وَلِهَذَا كَانَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ فَلَا تُزَوَّجُ مِمَّنْ لَا تَرْضَاهُ.

ثُمَّ اسْتَشْعَرَ أَنْ يُورِدَ عَلَيْهِ مَنْعَ أَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا وَإِلَّا لَمْ يُطَالِبْ الْوَلِيَّ بِهِ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُطَالِبُ الْوَلِيَّ بِهِ كَيْ لَا تُنْسَبَ إلَى الْوَقَاحَةِ. وَهَذَا كَلَامٌ عَلَى السَّنَدِ وَهُوَ غَيْرُ مُفِيدٍ إلَّا لَوْ سَاوَى وَهُوَ مُنْتَفٍ، فَإِنَّ لَهُ أَدِلَّةً أُخْرَى سَمْعِيَّةً هِيَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] نَهَى الْأَوْلِيَاءَ عَنْ مَنْعِهِنَّ مِنْ نِكَاحِ مَنْ يَخْتَرْنَهُ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْمَنْعُ مِمَّنْ فِي يَدِهِ الْمَمْنُوعُ وَهُوَ الْإِنْكَاحُ، وَمَا فِي السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحَادِيثُ أُخَرُ فِي ذَلِكَ. وَالْجَوَابُ أَمَّا الْآيَةُ فَمَعْنَاهَا الْحَقِيقِيُّ النَّهْيُ عَنْ مَنْعِهِنَّ عَنْ مُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ لَا تَمْنَعُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ.

هَذَا بَعْدَ تَسْلِيمِ كَوْنِ الْخِطَابِ لِلْأَوْلِيَاءِ وَإِلَّا فَقَدْ قِيلَ لِلْأَزْوَاجِ فَإِنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمْ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] أَيْ لَا تَمْنَعُوهُنَّ حِسًّا حَبْسًا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ، وَيُوَافِقُهَا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015