لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِفِعْلِ النَّائِبِ، وَلَا تَجْرِي فِي النَّوْعِ الثَّانِي بِحَالٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ إتْعَابُ النَّفْسِ لَا يَحْصُلُ بِهِ، وَتَجْرِي فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ عِنْدَ الْعَجْزِ لِلْمَعْنَى الثَّانِي وَهُوَ الْمَشَقَّةُ بِتَنْقِيصِ الْمَالِ، وَلَا تَجْرِي عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِعَدَمِ إتْعَابِ النَّفْسِ، وَالشَّرْطُ الْعَجْزُ الدَّائِمُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْحَجَّ فَرْضُ الْعُمْرِ، وَفِي الْحَجِّ النَّفْلِ تَجُوزُ الْإِنَابَةُ حَالَةَ الْقُدْرَةِ لِأَنَّ بَابَ النَّفْلِ أَوْسَعُ، ثُمَّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَجَّ يَقَعُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّوَاتُرِ، وَكَذَا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ لِلْوَالِدَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24] وَمِنْ الْإِخْبَارِ بِاسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ قَالَ تَعَالَى {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ} [الشورى: 5] وَقَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: 7] وَسَاقَ عِبَارَتَهُمْ {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} [غافر: 7] إلَى قَوْلِهِ {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ} [غافر: 9] قَطْعِيٌّ فِي حُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِعَمَلِ الْغَيْرِ فَيُخَالِفُ ظَاهِرَ الْآيَةِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا، إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ اسْتِغْفَارُ أَحَدٍ لِأَحَدٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سَعْيِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَطَعْنَا بِانْتِفَاءِ إرَادَةِ ظَاهِرِهَا عَلَى صِرَافَتِهِ فَتَتَقَيَّدُ بِمَا لَمْ يَهَبْهُ الْعَامِلُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ إذْ لَمْ يَبْطُلْ بَعْدَ الْإِرَادَةِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْإِخْبَارَاتِ وَلَا يَجْرِي النَّسْخُ فِي الْخَبَرِ، وَمَا يُتَوَهَّمُ جَوَابًا مِنْ أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ فِي شَرِيعَةِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - أَنْ لَا يَجْعَلَ الثَّوَابَ لِغَيْرِ الْعَامِلِ ثُمَّ جَعَلَهُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أَهْلِ شَرِيعَتِنَا حَقِيقَةُ مَرْجِعِهِ إلَى تَقْيِيدِ الْإِخْبَارِ لَا إلَى النَّسْخِ إذْ حَقِيقَتُهُ أَنْ يُرَادَ الْمَعْنَى ثُمَّ تُرْفَعَ إرَادَتُهُ، وَهَذَا تَخْصِيصٌ بِالْإِرَادَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِ تِلْكَ الشَّرَائِعِ وَلَمْ يَقَعْ نَسْخٌ لَهُمْ، وَلَمْ يَرِدْ الْإِخْبَارُ أَيْضًا فِي حَقِّنَا ثُمَّ نُسِخَ.

وَأَمَّا جَعْلُ اللَّامِ فِي لِلْإِنْسَانِ بِمَعْنَى عَلَى فَبَعِيدٌ مِنْ ظَاهِرِهَا وَمِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ أَيْضًا، فَإِنَّهَا وَعْظٌ لِلَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى، وَقَدْ ثَبَتَ فِي ضِمْنِ إبْطَالِنَا لِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ انْتِفَاءُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ بِمَا فِي الْآثَارِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُوَفِّقُ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015