لَهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْمُحْرِمِ لَحْمَ صَيْدٍ مَا لَمْ يَصِدْهُ أَوْ يُصَدْ لَهُ» وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَذَاكَرُوا لَحْمَ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا بَأْسَ بِهِ» وَاللَّامُ فِيمَا رُوِيَ لَامُ تَمْلِيكٍ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنْ يُهْدِيَ إلَيْهِ الصَّيْدُ دُونَ اللَّحْمِ، أَوْ مَعْنَاهُ أَنْ يُصَادَ بِأَمْرِهِ. ثُمَّ شُرِطَ عَدَمُ الدَّلَالَةِ، وَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ مُحَرَّمَةٌ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا إذَا اصْطَادَ الْحَلَالُ لِمُحْرِمٍ صَيْدًا بِأَمْرِهِ اُخْتُلِفَ فِيهِ عِنْدَنَا، فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ تَحْرِيمَهُ عَلَى الْمُحْرِمِ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: لَا يَحْرُمُ. قَالَ الْقُدُورِيُّ: هَذَا غَلَطٌ وَاعْتَمَدَ عَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: لَهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) الْحَدِيثُ عَلَى مَا فِي أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ «لَحْمُ الصَّيْدِ حَلَالٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَادُ لَكُمْ» هَكَذَا بِالْأَلِفِ فِي يُصَادَ، فَعَارَضَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ أَوَّلَهُ دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ.
أَمَّا الْمُعَارَضَةُ فِيمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: «تَذَاكَرْنَا لَحْمَ الصَّيْدِ يَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَائِمٌ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: فِيمَ تَتَنَازَعُونَ؟ فَقُلْنَا: فِي لَحْمِ الصَّيْدِ أَيَأْكُلُهُ الْمُحْرِمُ؟ فَأَمَرَنَا بِأَكْلِهِ» أَخْرَجَهُ فِي الْآثَارِ.
وَرَوَى الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ خُسْرو الْبَلْخِيّ فِي مُسْنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّام قَالَ: «كُنَّا نَحْمِلُ الصَّيْدَ صَفِيفًا وَكُنَّا نَتَزَوَّدُهُ وَنَأْكُلُهُ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَاخْتَصَرَهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ. وَأَمَّا التَّأْوِيلُ فَبِوَجْهَيْنِ، كَوْنُ اللَّامِ لِلْمِلْكِ وَالْمَعْنَى أَنْ يُصْطَادَ وَيُجْعَلَ لَهُ فَيَكُونُ تَمْلِيكُ عَيْنِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُحْرِمِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ فَيَأْكُلَ مِنْ لَحْمِهِ، وَالْحَمْلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُصَادَ بِأَمْرِهِ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي عَمَلِ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ بِطَلَبٍ مِنْهُ فَلْيَكُنْ مَحْمَلُهُ هَذَا دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ. وَقَدْ يُقَالُ: الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي أَنْ لَا يُحْكَمَ هُنَا بِالْمُعَارَضَةِ وَالتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ طَلْحَةَ