وَلِأَنَّ الطَّوَافَ فِي الْمَسْجِدِ وَالْوُقُوفَ فِي الْمَفَازَةِ، وَهَذَا الِاغْتِسَالُ لِلْإِحْرَامِ لَا لِلصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُفِيدًا.
(فَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ انْصَرَفَتْ مِنْ مَكَّةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِطَوَافِ الصَّدْرِ) «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ الْحُيَّضِ فِي تَرْكِ طَوَافِ الصَّدْرِ» .
(وَمَنْ اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ طَوَافُ الصَّدْرِ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَنْ يُصْدَرُ إلَّا إذَا اتَّخَذَهَا دَارًا بَعْدَمَا حَلَّ النَّفَرُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَيَرْوِيهِ الْبَعْضُ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ وَقْتِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQطَهُرَتْ طَافَتْ بِالْكَعْبَةِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ: قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَجَجْتُ، قَالَ: فَاذْهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيمِ» اهـ.
وَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِهِ مَنْ يَكْتَفِي لَهُمَا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ، وَمَعْنَى حَلَلْتِ مِنْ حَجَّتِك وَعُمْرَتِك لَا يَسْتَلْزِمُ الْخُرُوجَ مِنْهُمَا بَعْدَ قَضَاءِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا، بَلْ يَجُوزُ ثُبُوتُ الْخُرُوجِ مِنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إتْمَامِهَا، وَيَكُونُ عَلَيْهَا قَضَاؤُهَا؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي الصَّحِيحَيْنِ «يَنْطَلِقُونَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ فَأَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا، وَأَمَرَ أَخَاهَا أَنْ يُعْمِرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ» وَهَذَا؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَطُفْ لِلْحَيْضِ حَتَّى وَقَفَتْ بِعَرَفَةَ صَارَتْ رَافِضَةً لِلْعُمْرَةِ، وَسُكُوتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَنْ سَأَلَتْهُ إنَّمَا يَقْتَضِي تَرَاخِيَ الْقَضَاءِ لَا عَدَمَ لُزُومِهِ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الطَّوَافَ فِي الْمَسْجِدِ) يَعْنِي وَلَا يَحِلُّ لِلْحَائِضِ دُخُولُهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُرْمَةَ الطَّوَافِ مِنْ وَجْهَيْنِ: دُخُولُهَا الْمَسْجِدَ وَتَرْكُ وَاجِبِ الطَّوَافِ، فَإِنَّ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةٌ فِي الطَّوَافِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَطُوفَ حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِنْ طَافَتْ كَانَتْ عَاصِيَةً مُسْتَحِقَّةً لِعِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَزِمَهَا الْإِعَادَةُ، فَإِنْ لَمْ تُعِدْهُ كَانَ عَلَيْهَا بَدَنَةٌ، وَتَمَّ حَجُّهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ