بَابُ التَّمَتُّعِ (التَّمَتُّعُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ عِنْدَنَا) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ سَفَرُهُ وَاقِعٌ لِعُمْرَتِهِ وَالْمُفْرِدَ سَفَرُهُ وَاقِعٌ لِحَجَّتِهِ. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ فِي التَّمَتُّعِ جَمْعًا بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ فَأَشْبَهَ الْقِرَانَ ثُمَّ فِيهِ زِيَادَةُ نُسُكٍ وَهِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ التَّمَتُّعِ]
(بَابُ التَّمَتُّعِ) (قَوْلُهُ: وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ فِي التَّمَتُّعِ جَمْعًا بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ فَأَشْبَهَ الْقِرَانَ) حَقِيقَةُ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ ثَبَتَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَجَّ قَارِنًا» ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا ارْتَكَبَهُ أَفْضَلُ خُصُوصًا فِي عِبَادَةِ فَرِيضَةٍ لَمْ يَفْعَلْهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي عُمْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْنَا الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ كَانَ الْقِرَانُ أَفْضَلَ مُتَحَقِّقًا فِي التَّمَتُّعِ دُونَ الْإِفْرَادِ فَيَكُونَ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَذَلِكَ الْمَعْنَى هُوَ مَا يَلْزَمُ كَوْنِهِ جَمَعَا بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ فِي وَقْتِ الْحَجِّ مِنْ زِيَادَةِ التَّحَقُّقِ بِالْإِذْعَانِ وَالْقَبُولِ لِلْمَشْرُوعِ النَّاسِخِ لِشَرْعِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْمَطْلُوبِ رَفْضَهُ، ثُمَّ هَذَا أَرْفَقُ فَوَجَبَ دَمٌ لِلشُّكْرِ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا إطْلَاقُ الِارْتِفَاقِ بِالْعُمْرَةِ فِي وَقْتِ الْحَجِّ حَتَّى خَفَّتْ الْمُؤْنَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى لُزُومِ إنْشَاءِ سَفَرٍ آخَرَ لِلْعُمْرَةِ أَوْ التَّأْخِيرِ بَعْدَ قَضَاءِ الْأَفْعَالِ لِيُنْشِئَ أُخْرَى مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ، وَهَذَا شُكْرٌ عَلَى أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ.
وَثَانِيهِمَا تَوْفِيقُهُ لِلتَّحَقُّقِ بِهَذَا الْإِذْعَانِ الشَّرْعِيِّ الْمَطْلُوبِ تَحْقِيقُهُ وَإِظْهَارُهُ وَجَعْلَهُ مَظْهَرًا لَهُ، فَإِنْ أَكْمَلَ مِنْ مُجَرَّدِ اعْتِقَادِ الْحِقْبَةِ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ بِهِ بِالْفِعْلِ، وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى أَمْرٍ أُخْرَوِيٍّ، وَلِهَذَا تَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ تَارَةً وُفِّقَ لِأَدَاءِ النُّسُكَيْنِ وَمَرَّةً تَرَفَّقَ بِأَدَائِهِمَا فِي سَفْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَزَادَتْ الْفَضِيلَةُ بِشَرْعِيَّةِ هَذَا الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِي النُّسُكِ عِبَادَةً أُخْرَى شُكْرًا لَا جَبْرًا لِنُقْصَانٍ مُتَمَكِّنٍ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّ الْقِرَانَ زَادَ عَلَيْهِ بِاسْتِدَامَةِ الْإِحْرَامِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ بِهِمَا وَالْمُسَارَعَةِ إلَى إحْرَامِ الْحَجِّ، فَبِالْأَمْرَيْنِ يُفَضَّلُ عَلَى تَمَتُّعٍ لَمْ يُسَقْ فِيهِ هَدْيٌ حَتَّى حَلَّ التَّحَلُّلُ. وَبِالثَّانِي عَلَى التَّمَتُّعِ الَّذِي سِيقَ فِيهِ الْهَدْيُ فَوَجَبَ اسْتِدَامَةُ الْإِحْرَامِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَسَفَرُهُ وَاقِعٌ لِحَجَّتِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّ سَفَرَهُ وَاقِعٌ لِعُمْرَتِهِ