وَمَعَ هَذَا لَوْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ لِوُجُودِ فِعْلِ الرَّمْيِ. وَيَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِعْلُ الرَّمْيِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالطِّينِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْحَجَرِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَمَى بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا.
قَالَ (ثُمَّ يَذْبَحُ إنْ أَحَبَّ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُزْدَلِفَةَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: جَرَى التَّوَارُثُ بِذَلِكَ، وَمَا قِيلَ يَأْخُذُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ سَبْعًا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا سُنَّةَ فِي ذَلِكَ يُوجِبُ خِلَافُهَا الْإِسَاءَةَ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهَا مِنْ جَمْعٍ، بِخِلَافِ مَوْضِعِ الرَّمْيِ لِأَنَّ السَّلَفَ كَرِهُوهُ لِأَنَّهُ الْمَرْدُودُ.
وَقَوْلُهُ وَبِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ كَأَنَّهُ مَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: مَا بَالُ الْجِمَارِ تُرْمَى مِنْ وَقْتِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَمْ تَصِرْ هِضَابًا تَسُدُّ الْأُفُقَ؟ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْ تُقُبِّلَ حَجُّهُ رُفِعَ حَصَاهُ وَمَنْ لَمْ يُقْبَلْ تُرِكَ حَصَاهُ؟ قَالَ مُجَاهِدٌ: لَمَّا سَمِعْت هَذَا مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَعَلْت عَلَى حَصَيَاتِي عَلَامَةً، ثُمَّ تَوَسَّطْت الْجَمْرَةَ فَرَمَيْت مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ثُمَّ طَلَبْت فَلَمْ أَجِدْ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَمَعَ هَذَا لَوْ فَعَلَ) وَأَخَذَهَا مِنْ مَوْضِعِ الرَّمْيِ (أَجْزَأَهُ) مَعَ الْكَرَاهَةِ وَمَا هِيَ إلَّا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَلْتَقِطَ حَجَرًا وَاحِدًا فَيُكْسَرَ سَبْعِينَ حَجَرًا صَغِيرًا كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْسِلَ الْحَصَيَاتِ قِيلَ أَنْ يَرْمِيَهَا لِيَتَيَقَّنَ طَهَارَتَهَا فَإِنَّهُ يُقَامُ بِهَا قُرْبَةٌ، وَلَوْ رَمَى بِمُتَنَجِّسَةٍ بِيَقِينٍ كُرِهَ وَأَجْزَأَهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ الرَّمْيُ بِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ) كَالْحَجَرِ وَالطِّينِ وَالنُّورَةِ وَالْكُحْلِ وَالْكِبْرِيتِ وَالزِّرْنِيخِ وَكَفٍّ مِنْ تُرَابٍ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ جَوَازُ الرَّمْيِ بِالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ، وَفِيهِمَا خِلَافٌ مَنَعَهُ الشَّارِحُونَ وَغَيْرُهُمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْمَرْمِيِّ بِهِ يَكُونُ الرَّمْيُ بِهِ اسْتِهَانَةَ شَرْطٍ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطِ وَمِمَّنْ ذَكَرَ جَوَازَهُ الْفَارِسِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ.
وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَى بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا جَوَابٌ عَنْ مُقَدَّرٍ مِنْ جِهَةِ الشَّافِعِيِّ: لَوْ تَمَّ مَا ذَكَرْتُمْ فِي تَجْوِيزِ الطِّينِ مِنْ كَوْنِ الثَّابِتِ مَعَهُ فِعْلَ الرَّمْيِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا بِهِ الرَّمْيُ لَجَازَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، بَلْ وَبِمَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالْجَوْهَرِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكُلُّ مَمْنُوعٌ عِنْدَكُمْ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يُسَمَّى نِثَارًا لَا رَمْيًا فَلَمْ يَجُزْ لِانْتِفَاءِ مُسَمَّى الرَّمْيِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ