ويقال: سورة الدين، ويقال: سورة الماعون، ويقال: سورة اليتيم، وهي سبع آيات وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ عَطَاءٍ وَجَابِرٍ، وَأَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ قَتَادَةَ وَآخَرِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (?) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (?) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)
الْخِطَابُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِقَصْدِ التَّعْجِيبِ مِنْ حَالِ مَنْ يُكَذِّبُ بِالدِّينِ.
وَالرُّؤْيَةُ: بِمَعْنَى الْمَعْرِفَةِ وَالدِّينُ: الْجَزَاءُ وَالْحِسَابُ فِي الْآخِرَةِ. قِيلَ: وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالْمَعْنَى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ أَمُصِيبٌ هُوَ أَمْ مُخْطِئٌ. قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: فِي الْوَلِيدِ بن المغيرة. وقال الضحّاك: في عمرة بن عائذ. وقال ابن جرير فِي أَبِي سُفْيَانَ، وَقِيلَ:
فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ أَرَأَيْتَ بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِإِسْقَاطِهَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَا يُقَالُ فِي رَأَيْتَ رَيْتَ، وَلَكِنْ أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ سَهَّلَتِ الْهَمْزَةَ أَلِفًا. وَقِيلَ: الرُّؤْيَةُ: هِيَ الْبَصَرِيَّةُ، فَيَتَعَدَّى إلى مفعول واحد، وهو الموصول، أي: أأبصرت الْمُكَذِّبَ. وَقِيلَ: إِنَّهَا بِمَعْنَى أَخْبِرْنِي فَيَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ. الثَّانِي مَحْذُوفٌ، أَيْ: مَنْ هُوَ فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ الْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ إِنْ تَأَمَّلْتَهُ أَوْ طَلَبْتَهُ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً عَلَى الَّذِي يُكَذِّبُ، إِمَّا عَطْفُ ذَاتٍ عَلَى ذَاتٍ، أَوْ صِفَةٍ عَلَى صِفَةٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ اسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ الْمَوْصُولَ بَعْدَهُ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ:
فَهُوَ ذَلِكَ، وَالْمَوْصُولُ صِفَتُهُ. وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَوْصُولِ الَّذِي هُوَ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ.
وَمَعْنَى يَدُعُّ: يَدْفَعُ دَفْعًا بِعُنْفٍ وَجَفْوَةٍ، أَيْ: يَدْفَعُ الْيَتِيمَ عَنْ حَقِّهِ دَفْعًا شَدِيدًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا «1» وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أَيْ: لَا يَحُضُّ نَفْسَهُ وَلَا أَهْلَهُ وَلَا غَيْرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بُخْلًا بِالْمَالِ، أَوْ تَكْذِيبًا بِالْجَزَاءِ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْحَاقَّةِ وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ «2» فَوَيْلٌ يومئذ لِلْمُصَلِّينَ الفاء جواب