هي تسع آيات، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ بِمَكَّةَ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
الْوَيْلُ: هُوَ مُرْتَفِعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً كَوْنُهُ دُعَاءً عَلَيْهِمْ، وَخَبَرُهُ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ وَالْمَعْنَى: خِزْيٌ، أَوْ عَذَابٌ، أَوْ هَلَكَةٌ، أَوْ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالزَّجَّاجُ: الْهُمَزَةُ اللُّمَزَةُ الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ، وَعَلَى هَذَا هُمَا بِمَعْنًى. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ والحسن ومجاهد وعطاء ابن أَبِي رَبَاحٍ: الْهُمَزَةُ: الَّذِي يَغْتَابُ الرَّجُلَ فِي وَجْهِهِ، وَاللُّمَزَةُ: الَّذِي يَغْتَابُهُ مِنْ خَلْفِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ عَكْسُ هَذَا. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ أيضا أن الهمزة: الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ فِي أَنْسَابِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا أَنَّ الْهُمَزَةَ: الَّذِي يَهْمِزُ النَّاسَ بِيَدِهِ، وَاللُّمَزَةَ: الَّذِي يَلْمِزُهُمْ بِلِسَانِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يَهْمِزُهُمْ بِلِسَانِهِ وَيَلْمِزُهُمْ بِعَيْنِهِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: الْهُمَزَةُ: الَّذِي يُؤْذِي جُلَسَاءَهُ بِسُوءِ اللَّفْظِ، واللمزة: الّذي يكسر عنه عَلَى جَلِيسِهِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ وَبِرَأْسِهِ وَبِحَاجِبِهِ، وَالْأَوَّلُ أولى، ومنه قول زياد الأعجم:
تدلي بودّي إِذَا لَاقَيْتَنِي كَذِبًا ... وَإِنْ أُغَيَّبْ فَأَنْتَ الْهَامِزُ اللُّمَزَهْ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
إِذَا لَقِيتُكَ عَنْ سُخْطٍ تُكَاشِرُنِي ... وَإِنْ تَغَيَّبْتُ كُنْتَ الْهَامِزَ اللُّمَزَهْ
وَأَصْلُ الهمز الْكَسْرُ، يُقَالُ: هَمَزَ رَأْسَهُ كَسَرَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
وَمَنْ هَمَزْنَا رَأْسَهُ تَهَشَّمَا
وَقِيلَ: أَصْلُ الْهَمْزِ وَاللَّمْزِ: الضَّرْبُ وَالدَّفْعُ، يُقَالُ: هَمَزَهُ يَهْمِزُهُ هَمْزًا، وَلَمَزَهُ يَلْمِزُهُ لَمْزًا: إِذَا دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَمَنْ هَمَزْنَا عِزَّهُ تَبَرْكَعَا ... عَلَى اسْتِهِ زَوْبَعَةً أَوْ زَوْبَعَا