الْقُرْآنُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وِزْراً قَالَ: إِثْمًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا يَقُولُ: بِئْسَ مَا حَمَلُوا.

[سورة طه (20) : الآيات 102 الى 112]

يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (102) يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (104) وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُها قَاعًا صَفْصَفاً (106)

لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (108) يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (110) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (111)

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (112)

الظرف هو يَوْمَ يُنْفَخُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ هُوَ اذْكُرْ، وَقِيلَ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.

قَرَأَ الْجُمْهُورُ يُنْفَخُ بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ بِالنُّونِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَاسْتَدَلَّ أَبُو عَمْرٍو عَلَى قِرَاءَتِهِ هَذِهِ بِقَوْلِهِ: وَنَحْشُرُ فَإِنَّهُ بِالنُّونِ. وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزَ يُنْفَخُ بِالتَّحْتِيَّةِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ عَلَى أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَوْ إِسْرَافِيلُ، وَقَرَأَ أَبُو عِيَاضٍ فِي الصُّورِ بِفَتْحِ الْوَاوِ، جَمْعُ صُورَةٍ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِسُكُونِ الْوَاوِ، وَقَرَأَ طَلْحَةَ بْنُ مُصَرِّفٍ وَالْحَسَنُ يُحْشَرُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ مبنيا للمفعول، ورفع «المجرمون» وَهُوَ خِلَافُ رَسْمِ الْمُصْحَفِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنُّونِ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُ هَذَا فِي الْأَنْعَامِ. وَالْمُرَادُ بِالْمُجْرِمِينَ الْمُشْرِكُونَ وَالْعُصَاةُ الْمَأْخُوذُونَ بِذُنُوبِهِمُ الَّتِي لَمْ يَغْفِرْهَا اللَّهُ لَهُمْ، وَالْمُرَادُ بِ يَوْمَئِذٍ يَوْمُ النَّفْخِ فِي الصُّورِ، وَانْتِصَابُ زُرْقًا عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمُجْرِمِينَ، أَيْ: زُرْقَ الْعُيُونِ، وَالزُّرْقَةُ: الْخُضْرَةُ فِي الْعَيْنِ كَعَيْنِ السِّنَّوْرِ، وَالْعَرَبُ تَتَشَاءَمُ بِزُرْقَةِ العين، وقال الفرّاء زُرْقاً: أي عميا. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: عِطَاشًا، وَهُوَ قَوْلُ الزَّجَّاجِ لِأَنَّ سَوَادَ الْعَيْنِ يَتَغَيَّرُ بِالْعَطَشِ إِلَى الزُّرْقَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ كَنَّى بِقَوْلِهِ زُرْقًا عَنِ الطَّمَعِ الْكَاذِبِ إِذَا تَعَقَّبَتْهُ الْخَيْبَةُ، وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شخوص البصر من شدّة الخوف، ومنه قول الشاعر:

لقد زرقت عيناك يا ابن مُعَكْبَرٍ ... كَمَا كُلُّ ضَبِيٍّ مِنَ اللُّؤْمِ أَزْرَقٌ

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَالْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا «1» مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ حَالَاتٍ وَمَوَاطِنَ تَخْتَلِفُ فِيهَا صِفَاتُهُمْ، وَيَتَنَوَّعُ عِنْدَهَا عَذَابُهُمْ، وَجُمْلَةُ يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ مَا هُمْ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَالْخَفْتُ فِي اللُّغَةِ: السُّكُونُ، ثُمَّ قِيلَ لِمَنْ خَفَضَ صَوْتَهُ: خَفَتَهُ. وَالْمَعْنَى يَتَسَارَرُونَ، أَيْ: يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سِرًّا إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً أَيْ: مَا لَبِثْتُمْ فِي الدُّنْيَا إِلَّا عَشْرَ لَيَالٍ، وَقِيلَ: فِي الْقُبُورِ، وقيل: بين النفختين.

والمعنى: أنهم يستقصرون مُدَّةَ مَقَامِهِمْ فِي الدُّنْيَا، أَوْ فِي الْقُبُورِ، أَوْ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ لِشِدَّةِ مَا يَرَوْنَ مِنْ أهوال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015