يَشْعُرُونَ بِذَلِكَ الْوَحْيِ. وَأَخْرَجَ هَؤُلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ وَحْيًا وَهُوَ فِي الْجُبِّ أَنْ سَيُنْبِئُهُمْ بِمَا صَنَعُوا، وَهُمْ- أَيْ إِخْوَتُهُ- لَا يَشْعُرُونَ بِذَلِكَ الْوَحْيِ، فَهَوَّنَ ذَلِكَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ مَا صُنِعَ بِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ قَالَ: لَمْ يَعْلَمُوا بِوَحْيِ اللَّهِ إِلَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ إِخْوَةُ يُوسُفَ عَلَى يُوسُفَ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ جِيءَ بِالصُّوَاعِ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، ثُمَّ نَقَرَهُ فَطَنَّ، فَقَالَ: إِنَّهُ لِيُخْبِرُنِي هَذَا الْجَامُ أَنَّهُ كَانَ لَكُمْ أَخٌ مِنْ أَبِيكُمْ يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ يُدْنِيهِ دُونَكُمْ، وَأَنَّكُمُ انْطَلَقْتُمْ بِهِ فَأَلْقَيْتُمُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ فَأَتَيْتُمْ أَبَاكُمْ فَقُلْتُمْ: إن الذئب أكله، وجئتم على قميصه بدم كَذِبٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ هَذَا الْجَامَ لِيُخْبِرُهُ بِخَبَرِكُمْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَا نَرَى هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي بَكْرِ ابن عَيَّاشٍ قَالَ: كَانَ يُوسُفُ فِي الْجُبِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الضَّحَّاكِ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا قَالَ: بِمُصَدِّقٍ لَنَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ: كَانَ دَمُ سَخْلَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ: لَمَّا أُتِيَ يَعْقُوبُ بِقَمِيصِ يُوسُفَ فَلَمْ يَرَ فِيهِ خَرْقًا قَالَ: كَذَبْتُمْ، لَوْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ أَكَلَهُ الذِّئْبُ لَخَرَقَ الْقَمِيصَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:
بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً قَالَ: أَمَرَتْكُمْ أَنْفُسُكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً يَقُولُ: بَلْ زَيَّنَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى مَا تَصِفُونَ أَيْ عَلَى مَا تَكْذِبُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الصَّبْرِ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن حبّان بن أبي جبلة قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ قَالَ: لَا شَكْوَى فِيهِ. مَنْ بَثَّ لَمْ يَصْبِرْ. وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حبّان بن أبي جبلة، وَهُوَ مُرْسَلٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ قال: ليس فيه جزع.
وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يَا بُشْرى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)
هَذَا شُرُوعٌ فِي حكاية خلاص يوسف وما كان بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ خَبَرِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ السَّيَّارَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا رُفْقَةٌ مَارَّةٌ تَسِيرُ من الشام إلى مصر، فأخطئوا الطَّرِيقَ وَهَامُوا حَتَّى نَزَلُوا قَرِيبًا مِنَ الْجُبِّ، وكان في