[سورة التوبة (9) : الآيات 124 الى 129]

وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ (125) أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (127) لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (128)

فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)

قَوْلُهُ: وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ حِكَايَةٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ لِبَقِيَّةِ فَضَائِحِ الْمُنَافِقِينَ، أَيْ: إِذَا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ سُورَةً مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ فَمِنَ الْمُنَافِقِينَ مَنْ يَقُولُ لِإِخْوَانِهِ مِنْهُمْ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ السُّورَةُ النَّازِلَةُ إِيماناً يَقُولُونَ هَذَا اسْتِهْزَاءً بِالْمُؤْمِنِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولُوهُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَاصِدِينَ بذلك صرفهم عن الإسلام وتزهيدهم فيه، وأيكم: مَرْفُوعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ: زَادَتْهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى السُّورَةِ. ثُمَّ حَكَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْدَ مَقَالَتِهِمْ هَذِهِ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِهِمْ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بِنُزُولِ الْوَحْيِ وَمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَنَافِعِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ فَزادَتْهُمْ السُّورَةُ الْمُنَزَّلَةُ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ أَيْ: خُبْثًا إِلَى خُبْثِهِمُ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَفَسَادِ الِاعْتِقَادِ، وَإِظْهَارِ غَيْرِ مَا يُضْمِرُونَهُ وَثَبَتُوا عَلَى ذَلِكَ وَاسْتَمَرُّوا عَلَيْهِ إِلَى أَنْ مَاتُوا كُفَّارًا مُنَافِقِينَ، وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ هُنَا: الشَّكُّ وَالنِّفَاقُ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: زَادَتْهُمْ إِثْمًا إِلَى إِثْمِهِمْ. قَوْلُهُ: أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ قَرَأَ الْجُمْهُورُ يَرَوْنَ بِالتَّحْتِيَّةِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ بِالْفَوْقِيَّةِ، خطابا للمؤمنين. وقرأ الأعمش «أو لم يَرَوْا» وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ/ أَوَلَا تَرَى خطابا لرسول الله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَمَعْنَى: يُفْتَنُونَ: يُخْتَبَرُونَ، قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ أَوْ يَبْتَلِيهِمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْقَحْطِ وَالشِّدَّةِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ ابن عطية: بالأمراض والأوجاع. قال قَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: بِالْغَزْوِ وَالْجِهَادِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَيَرَوْنَ مَا وَعَدَ اللَّهُ مِنَ النَّصْرِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ وثم لِعَطْفِ مَا بَعْدَهَا عَلَى يَرَوْنَ، وَالْهَمْزَةُ فِي: أو لا يَرَوْنَ، لِلْإِنْكَارِ وَالتَّوْبِيخِ، وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: لَا يَنْظُرُونَ وَلَا يَرَوْنَ، وَهَذَا تَعْجِيبٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ حَالِ الْمُنَافِقِينَ، وَتَصَلُّبِهِمْ فِي النِّفَاقِ، وَإِهْمَالِهِمْ لِلنَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ، ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ عِنْدَ نُزُولِ السُّورَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِمَا كَانُوا يَقُولُونَهُ، فَقَالَ وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ أَيْ: نَظَرَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ إِلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ قَائِلِينَ: هَلْ يَراكُمْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لِنَنْصَرِفَ عَنِ الْمَقَامِ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ الْوَحْيُ، فَإِنَّهُ لَا صَبْرَ لَنَا عَلَى اسْتِمَاعِهِ، وَلِنَتَكَلَّمَ بِمَا نُرِيدُ مِنَ الطَّعْنِ وَالسُّخْرِيَةِ وَالضَّحِكِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَإِذَا أَنْزَلَتْ سُورَةٌ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا فَضَائِحَ الْمُنَافِقِينَ وَمُخَازَيَهُمْ قَالَ بَعْضُ من يحضر مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لِلْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْهُمْ: هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟ ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ. وَحَكَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015