الْمُدَّعُونَ التَّعْصِيبَ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ أَفِيدُوا الْجَوَابَ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُعْطَى بَاقِي التَّرِكَةِ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَفَرْضِ الزَّوْجَةِ لِبَنَاتِ إخْوَتِهِ وَيُقْسَمُ عَلَيْهِنَّ بِالسَّوِيَّةِ إنْ كُنَّ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا قُدِّمَ صَاحِبَاتُ الدَّرَجَةِ الْعَالِيَةِ لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَالْإِمْهَالِ لِمُدَّعِي التَّعْصِيبِ وَعَجْزِهِ عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ تَوْرِيثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرَّدَّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ مَبْنِيٌّ عَلَى شَرْطِ الِانْتِظَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنْ الطُّرْطُوشِيِّ وَالْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِرْشَادِ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَنْ عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ حَكَى اتِّفَاقَ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرَّدِّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ لِعَدَمِ انْتِظَارِ بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ يُتَصَدَّقُ بِالْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ بَيْتُ الْمَالِ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ لَا عَنْ الْمَيِّتِ وَعُزِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ فِي مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَال فَهِيَ أَوْلَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَذَاهِبَ أَصَحُّهَا مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ.
وَحَاصِلُهَا أَنْ تُنَزِّلَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أُدْلُوا بِهِ لِلْمَيِّتِ دَرَجَةً دَرَجَةً فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ لِلْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ لِمَنْ أُدْلُوا بِهِ.
ثُمَّ اجْعَلْ لِكُلٍّ نَصِيبُ مَنْ أَدْلَى بِهِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْهُ إلَّا أَوْلَادَ وَلَدِ الْأُمِّ فَيَسْتَوُونَ وَإِلَّا أَخْوَالَ إخْوَةِ الْأُمِّ مِنْ أُمِّهَا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ انْتَهَى مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِ مَشَايِخِي الدُّسُوقِيِّ عَلَى شَرْحِ الدَّرْدِيرِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّحِمِ تَنْزِيلُهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ لِلْمَيِّتِ دَرَجَةً دَرَجَةً فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ لِوَارِثٍ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ لِمَنْ أَدْلَوْا بِهِ كَمَا سَبَقَ ثُمَّ لِكُلٍّ نَصِيبُ مَنْ أَدْلَى بِهِ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْهُ إلَّا أَوْلَادَ وَلَدِ الْأُمِّ فَيَسْتَوُونَ وَإِلَّا أَخْوَالَ إخْوَةِ الْأُمِّ مِنْ أُمِّهَا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ انْتَهَى.
وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَذْهَبَانِ: الْأَوَّلُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْقَرَابَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَحَاصِلُهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَاَلَّذِي يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ كَالْعَصَبَةِ فَيُقَدَّمُ مَنْ يَنْتَمِي إلَى الْمَيِّتِ عَلَى مَنْ يَنْتَمِي إلَيْهِ الْمَيِّتُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ بِالْعَكْسِ وَيُقَدَّمُ مَنْ يَنْتَمِي إلَيْهِ الْمَيِّتُ عَلَى مَنْ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ الْمَيِّتِ وَعَكَسَ مُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَيُقَدَّمُ مَنْ يَنْتَمِي إلَى أَبَوَيْ الْمَيِّتِ عَلَى مَنْ يَنْتَمِي إلَى أَجْدَادِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَ اثْنَانِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ فَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي مَذْهَبُ أَهْلِ الرَّحِمِ وَحَاصِلُهُ قِسْمَةُ الْمَالِ بَيْنَ الْمَوْجُودِينَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِالسَّوِيَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَعِيدٍ وَقَرِيبٍ وَلَا بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ مَهْجُورٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِهِمَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يُوَرِّثُ ذَوِي الْأَرْحَامِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُوَرِّثُهُمْ يَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ أَحَدِهِمَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ يُرَدُّ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ بِرُءُوسِ الصِّنْفِ وَسِهَامِ الْأَصْنَافِ وَإِنْ كَانَ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ فَمَا بَقِيَ بَعْدَهُ مَعَ مَسْأَلَةِ الرَّدِّ كَسِهَامِ الثَّانِي فِي الْمُنَاسَخَةِ وَمُخْرِجِ الزَّوْجِيَّةِ الْأُولَى وَيُقْسَمُ بَاقِي الْمُصَحَّحِ بَعْدَ فَرْضِ