مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى عِجْلًا فِي مُحَرَّمٍ الْمَاضِي وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ إلَى الْآنَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَلْدَةٍ أُخْرَى فَادَّعَى أَنَّهُ عِجْلُهُ قَدْ اشْتَرَاهُ مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَضَاعَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْعَامَ الْمَذْكُورَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ بَيِّنَةٌ تُعَضِّدُ دَعْوَاهُ فَمَا الَّتِي تُقَدَّمَ مِنْهُمَا؟ وَفِي رَجُلٍ اشْتَرَى أَتَانًا قَبْلَ مَوْلِدِ السَّيِّدِ الْعَامَ الْمَاضِي بِشَهْرَيْنِ وَلَمْ يَزَلْ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَيْهَا إلَى الْآنَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهَا رَجُلٌ فَادَّعَى أَنَّهَا أَتَانُهُ قَدْ اشْتَرَاهَا مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ وَضَاعَتْ مِنْهُ قَبْلَ مَوْلِدِ السَّيِّدِ الْعَامَ الْمَذْكُورَ بِشَهْرَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ بَيِّنَةٌ تُرَشِّحُ دَعْوَاهُ فَمَاذَا يَكُونُ الْعَمَلُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يُقْضَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْمُتَنَازَعِ فِيهِ لِلْقَائِمِ عَلَى وَاضِعِ الْيَدِ لِتَقَدُّمِ تَارِيخِ بَيِّنَتِهِ عَلَى تَارِيخِ بَيِّنَةِ وَاضِعِ الْيَدِ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْحَائِزِ أَعْدَلَ لِأَنَّ تَقَدُّمَ التَّارِيخِ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ أَوْ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ كَمَا هُنَا لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِ الْقَائِمِ عَلَى طِبْقِ شَهَادَةٍ بَيِّنَتِهِ وَيُلْغَى وَضْعُ الْيَدِ وَقَدْ أَفَادَ هَذَا الْإِمَامُ خَلِيلٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْمُعْتَبَرِ لَهُ كَالْمَنْطُوقِ مِنْ قَوْلِهِ وَبِيَدٍ إنْ لَمْ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ فَيَحْلِفُ قَالَ شَمْسُ الدِّينِ التَّتَّائِيُّ فِي شَرْحِهِ وَيُرَجِّحُ بِيَدٍ عِنْدَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ قَالَ الشَّارِحُ مَعَ الْيَمِينِ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي بِالْيَدِ دَارًا أَوْ عَرْضًا أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إنْ لَمْ تُرَجِّحُ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ أَوْ مُقَابِلِ ذِي الْيَدِ فَإِنْ رَجَّحَتْ عُمِلَ بِهَا وَسَقَطَ اعْتِبَارُ ذِي الْيَدِ فَيَحْلِفُ صَاحِبُ الْبَيِّنَةِ الرَّاجِحَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَا يُرَجِّحُ ذِي الْيَدِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفَ التُّونُسِيُّونَ فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِكِسْوَتِهَا فَقَالَ هَذَا الثَّوْبُ الَّذِي عَلَيْك لِي وَقَالَتْ بَلْ هُوَ لِي هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا أَوْ قَوْلُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ فِي حَوْزِهِ أَوْ حَوْزِهَا اهـ قَوْلُهُ عِنْدَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَرَشِيُّ وَمِثْلُهُ تَسَاوِيهِمَا فِي الشَّهَادَةِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ.
وَقَالَ نُورُ الدِّينِ الْأُجْهُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلُهُ أَوْ تَارِيخٌ أَوْ تَقَدَّمَهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الَّتِي لَمْ تُؤَرَّخْ أَوْ الَّتِي تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا شَاهِدَةً لِمَنْ هُوَ حَائِزٌ لِلْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَبِيَدٍ إنْ لَمْ تُرَجِّحُ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَمِمَّا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ اهـ فَمَا أَفْتَى بِهِ فِي نَحْوِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ إلْغَاءِ بَيِّنَةِ الْقَائِمِ لِشَهَادَتِهَا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ خِلَافُ الصَّوَابِ وَإِنْ اسْتَنَدَ فِيهَا لِمَا فِي الْحَطَّابِ لِمَا عَلِمْت وَلِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَطَّابِ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْحَائِزِ بِالْمِلْكِ وَبَيِّنَةُ الْقَائِمِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لَا فِيمَا إذَا شَهِدَتَا مَعًا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ.
وَنَصَّ الْحَطَّابُ قَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي دَارٍ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ وَأَنَّهُ بَاعَهُ مَا مَلَكَ وَأَقَامَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ يَمْلِكُهَا قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَتْ الدَّارُ بِيَدِ حَائِزِهَا أَبُو الْحَسَنِ لَا بُدَّ مِنْ فَصْلَيْنِ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ مَالِكٌ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي النَّقْلِ إلَّا الشِّرَاءَ دُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ لَمْ تُعَارِضْ بَيِّنَةُ الْحَوْزِ بَلْ لَا تُعَارِضُ الْحَوْزَ وَحْدَهُ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ رَجُلٍ بِمِصْرَ وَلَهُ عَقَارٌ بِبَعْضِ بِلَادِ إفْرِيقِيَّةَ فَبَعَثَ وَثِيقَةً بِخَطِّهِ مَضْمُونُهَا تَوْكِيلُ رَجُلٍ بِبَلَدِ الْعَقَارِ، فَهَلْ إذَا وَصَلَتْ الْوَثِيقَةُ بَلَدَ الْعَقَارِ وَعَرَّفَتْ الْبَيِّنَةُ خَطَّ الْمُوَكِّلِ وَشَهِدَتْ بِأَنَّهُ خَطُّهُ يَثْبُتُ التَّوْكِيلُ وَهَلْ إذَا كَانَ لِهَذَا الرَّجُلِ الْمُقِيمِ بِمِصْرَ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ كَانَ بِهَا وَسَافَرَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ وَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ وَثِيقَةً بِمِصْرَ بِغَيْرِ خَطِّ الْمَدِينِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِهَا