ولم يسمع أحد من الأولين والآخرين: أن أحدًا أنكر شيئًا من ذلك، أو استشكله لأجل ادعائهم الملة، أو لأجل قول لا إله إلا الله، أو لأجل شيء من أركان الإسلام، إلا ما سمعناه من هؤلاء الملاعين في هذه الأزمان من إقرارهم أن هذا هو الشرك ولكن من فعله، أو حسنه، أو كان مع أهله، أو ذم التوحيد، أو حارب أهله لأجله، أو أبغضهم لأجله أنه لا يكفر لأنه يقول: لا إله إلا الله، أو لأنه يؤدي أركان الإسلام، هذا ويستدلون بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماها الإسلام هذا لم يسمع قط إلا من هؤلاء الملحدين الجاهلين الظالمين، فإن ظفروا بحرف واحد عن أهل العلم، أو أحد منهم يستدلون به على قولهم الفاحش الأحمق فليذكروه، ولكن الأمر كما قال اليمني في قصيدته:
أقاويل لا تُعزى إلى عالم فلا ... تساوي فلسًا إن رجعت إلى النقد
ولنختم الكلام في هذا النوع بما ذكره البخاري في صحيحه حيث قال:
باب تغير الزمان حتى تعبد الأوثان
ثم ذكر بإسناده قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة» وذو الخلصة صنم لدوس يعبدونه فقال - صلى الله عليه وسلم - لجرير بن عبد الله: «ألا تريحني من ذي الخلصة»؟ فركب إليه بمن معه فأحرقه وهدمه ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره قال: «فبرَّك على خيل أحمس ورجالها خمسًا».
وعادة البخاري -رحمه الله- إذا لم يكن الحديث على شرطه ذكره في الترجمة، ثم أتى بما يدل على معناه مما هو على شرطه، ولفظ الترجمة وهو قوله: «يتغير الزمان حتى تعبد الأوثان» لفظ حديث أخرجه غيره من الأئمة،