الناهين لغيرهم، الذامين للمؤمنين -منهم. وقال في آية أخرى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} [التوبة: 56] وهؤلاء: ذنبهم أخف، فإنهم لم يؤذوا المؤمنين ولا بنهي، ولا سلق بألسنة حداد، ولكن حلفوا بالله أنهم من المؤمنين في الباطن بقلوبهم، وإلا فقد علم المؤمنين أنهم منهم في الظاهر فكذبهم الله، وقال: {وَمَا هُمْ مِنْكُمْ} وهناك قال: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ}.
فالخطاب: لمن كان في الظاهر مسلمًا مؤمنًا، وليس مؤمنًا بأن منكم من هو بهذه الصفة، وليس مؤمنًا بل أحبط الله عمله فهو منكم في الظاهر لا الباطن.
ولهذا لما استؤذن النبي في قتل بعض المنافقين قال: (لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه) (?) فإنهم من أصحابه في الظاهر عند من لا يعرف حقائق الأمور، وأصحابه الذين هم أصحابه ليس فيهم نفاق ...
وكذلك: الأنساب مثل كون الإنسان أبًا لآخر أو أخاه، يثبت في بعض الأحكام دون بعض. فإنه قد ثبت في الصحيحين أنه لما اختصم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة بن الأسود في ابن وليدة زمعة، وكان عتبة بن أبي وقاص قد فجر بها في الجاهلية، وولدت منه ولدًا، فقال عتبة لأخيه سعد: إذا قدمت مكة فانظر ابن وليدة زمعة فإنه ابني.
فاختصم فيه هو، وعبد بن زمعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال سعد: «يا رسول الله