وهؤلاء العلماء يستخدمون لفظ الكفر بعدة اعتبارات، وبحسب ما يتعلق به من الأحكام، وذلك لأن الاسم الواحد قد ينفى ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به. فلا يجب إذا ثبت أو نفي في حكم معين أن يكون كذلك في بقية الأحكام، وهذا أمر مشهور في كلام العرب.
فالكفر قبل قيام الحجة له حد وأحكام، وبعد قيام الحجة له حد وأحكام أخر. وعليه فأحيانًا ينفون وقوع الكفر إلا بعد قيامها، وهم مع ذلك النفي يحكمون على فاعل الشرك الأكبر بالشرك، وخروجه من عداد المسلمين، وبالكفر الغير معذب عليه.
قال الإمام العلامة ابن تيمية في بيان هذا المعنى الهام: «وجماع الأمر أن الاسم الواحد ينفى ويثبت بحسب الأحكام المتعلقة به، فلا يجب إذا ثبت أو نفي في حكم أن يكون كذلك في سائر الأحكام، وهذا في كلام العرب وسائر الأمم، لأن المعنى مفهوم.
مثال ذلك: المنافقون قد يجعلون من المؤمنين في موضع، وفي موضع آخر يقال: ما هم منهم.
قال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً} [الأحزاب: 18] الآية.
فهنالك جعل هؤلاء المنافقين الخائفين من العدو ... الناكلين عن الجهاد،