الثّاني؟
جنح القاضي أبو الطّيّب الطّبريّ وآخرون إلى الأوّل , وقالوا: كان تحريم الكلام بمكّة، وحملوا حديث زيد على أنّه وقومه لَم يبلغهم النّسخ , وقالوا: لا مانع أن يتقدّم الحكم ثمّ تنزل الآية بوفقه.
وجنح آخرون إلى التّرجيح , فقالوا: يترجّح حديث ابن مسعود بأنّه حكى لفظ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بخلاف زيد بن أرقم فلم يحكه.
وقال آخرون: إنّما أراد ابن مسعود رجوعه الثّاني، وقد ورد أنّه قدم المدينة والنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتجهّز إلى بدر، وفي " مستدرك الحاكم " من طريق أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى النّجاشيّ ثمانين رجلاً. فذكر الحديث بطوله. وفي آخره: فتعجّل عبد الله بن مسعود فشهد بدراً.
وفي " السّير " لابن إسحاق: أنّ المسلمين بالحبشة لَمّا بلغهم أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - هاجر إلى المدينة رجع منهم إلى مكّة ثلاثة وثلاثون رجلاً، فمات منهم رجلان بمكّة , وحبس منهم سبعة , وتوجّه إلى المدينة أربعة وعشرون رجلاً فشهدوا بدراً.
فعلى هذا كان ابن مسعود من هؤلاء، فظهر أنّ اجتماعه بالنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه كان بالمدينة، وإلى هذا الجمع نحا الخطّابيّ , ولَم يفقَه من تعقّب كلامه على مستنده.
ويقوّي هذا الجمع رواية كلثوم (?) المتقدّمة فإنّها ظاهرةٌ في أنّ كلاًّ