بينهما وحرّموا كلّ ما يسكر نوعه ولَم يتوقّفوا ولا استفصلوا، ولَم يشكل عليهم شيء من ذلك , بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن، فلو كان عندهم فيه تردّد لتوقّفوا عن الإراقة حتّى يستكشفوا ويستفصلوا ويتحقّقوا التّحريم لِما كان تقرّر عندهم من النّهي عن إضاعة المال، فلمّا لَم يفعلوا ذلك وبادروا إلى الإتلاف علمنا أنّهم فهموا التّحريم نصّاً، فصار القائل بالتّفريق سالكاً غير سبيلهم، ثمّ انضاف إلى ذلك خطبة عمر بما يوافق ذلك، وهو ممّن جعل الله الحقّ على لسانه وقلبه، وسمعه الصّحابة وغيرهم فلم ينقل عن أحدٍ منهم إنكار ذلك. وإذا ثبت أنّ كلّ ذلك يسمّى خمراً لزم تحريم قليله وكثيره. وقد ثبتت الأحاديث الصّحيحة في ذلك. ثمّ ذكرها.
قال: وأمّا الأحاديث عن الصّحابة التي تمسّك بها المخالف , فلا يصحّ منها شيء على ما قال عبد الله بن المبارك وأحمد وغيرهم، وعلى تقدير ثبوت شيء منها فهو محمول على نقيع الزّبيب أو التّمر من قبل أن يدخل حدّ الإسكار جمعاً بين الأحاديث.
قلت: ويؤيّده ثبوت مثل ذلك عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (?)، ولا فرق في الحلّ