حقيقة شرعيّة , وهي مقدّمة على الحقيقة اللّغويّة.
والجواب عن الثّانية: أنّ اختلاف مشتركَين في الحكم في الغِلَظ لا يلزم منه افتراقهما في التّسمية، كالزّنا مثلاً , فإنّه يصدق على من وطئ أجنبيّة وعلى من وطئ امرأة جاره، والثّاني أغلظ من الأوّل، وعلى من وطئ محرماً له وهو أغلظ، واسم الزّنا مع ذلك شامل للثّلاثة.
وأيضاً فالأحكام الفرعيّة لا يشترط فيها الأدلة القطعيّة، فلا يلزم من القطع بتحريم المتّخذ من العنب، وعدم القطع بتحريم المتّخذ من غيره، أن لا يكون حراماً بل يحكم بتحريمه إذا ثبت بطريقٍ ظنّيّ تحريمه، وكذا تسميته خمراً. والله أعلم.
الجواب عن الثّالثة: ثبوت النّقل عن أعلم النّاس بلسان العرب بما نفاه هو، وكيف يستجيز أن يقول لا لمخامرة العقل مع قول عمر بمحضر الصّحابة " الخمر ما خامر العقل "؟ كأنّ مستنده ما ادّعاه من اتّفاق أهل اللّغة. فيحمل قول عمر على المجاز.
لكن اختلف قول أهل اللّغة في سبب تسمية الخمر خمراً.
فقال أبو بكر بن الأنباريّ: سُمِّيت الخمر خمراً , لأنّها تخامر العقل. أي: تخالطه، قال: ومنه قولهم: خامره الدّاء أي خالطه.
وقيل: لأنّها تخمّر العقل. أي: تستره.
ومنه حديث جابر في الصحيحين " خمّروا آنيتكم " , ومنه خمار المرأة , لأنّه يستر وجهها، وهذا أخصّ من التّفسير الأوّل , لأنّه لا يلزم من المخالطة التّغطية.