بغير عذر، فإنّ إيجابها على المعذور من التّنبيه بالأدنى على الأعلى. لكن لا يلزم من ذلك التّسوية بين المعذور وغيره.
ومن ثَمَّ قال الشّافعيّ والجمهور: لا يتخيّر العامد بل يلزمه الدّم، وخالف في ذلك أكثر المالكيّة.
واحتجّ لهم القرطبيّ بقوله في حديث كعب " أو اذبح نسكاً " قال: فهذا يدلّ على أنّه ليس بهديٍ. قال: فعلى هذا يجوز أن يذبحها حيث شاء.
قلت: لا دلالة فيه. إذ لا يلزم تسميتها نسكاً أو نسيكة أنْ لاَّ تسمّى هدياً , أو لا تعطى حكم الهدي، وقد وقع تسميتها هدياً حيث قال " أو تهدي شاة ".
وفي رواية مسلم " واهد هدياً " وفي رواية للطّبريّ " هل لك هدي؟ قلت: لا أجد " فظهر أنّ ذلك من تصرّف الرّواة. ويؤيّده قوله في رواية مسلم " أو اذبح شاة ".
واستدل به على أنّ الفدية لا يتعيّن لها مكان، وبه قال أكثر التّابعين.
وقال الحسن: تتعيّن مكّة.
وقال مجاهد: النّسك بمكّة ومنًى، والإطعام بمكّة، والصّيام حيث شاء.
وقريب منه قول الشّافعيّ وأبي حنيفة: الدّم والإطعام لأهل الحرم، والصّيام حيث شاء إذ لا منفعة فيه لأهل الحرم.
وألْحَقَ بعض أصحاب أبي حنيفة وأبو بكر بن الجهم من المالكيّة