[5] روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى غزوة بني المصطلق، وخرج معه عبد الله بن أبي ابن سلول، وكانت في شعبان سنة ست من الهجرة، ونزل بالمريسيع -ماء من ماء بني المصطلق-، فسبق المهاجرون وكأنهم غلبوا الأنصار عليه بعضَ غلبة، فقال عبد الله بن أبي لأصحابه: قد كنت قلت لكم في هؤلاء الجلابيب ما قلتُ، فلم تسمعوا مني، وكان المنافقون يسمون المهاجرين: الجلابيب، ثم إن الجهجاه الغفاري غلامَ عمرَ بنِ الخطاب ورد الماء بفرس لعمر، فازدحم هو وسنان بن وبر الجهنى حليف الأوس، ودار بينهما كلام، فاقتتلا، وصرخ الجهني: يا معشرَ الأنصار! وصرخ الغفاري: يا معشر المهاجرين! فجاؤوا، فاقتتلوا، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما بالُ دَعْوى الجاهلية؟! " فلما أخبر بالقضية، قال: "دعوها فإنها مُنْتِنَةٌ"، فأصلح الأمر قوم من المهاجرين (?).
وروي أن جعالًا -رجلًا فقيرًا من المهاجرين- أعان الجهجاه، فغضب عبد الله بن أبي، وعنده بعض قومه، وكان معهم زيد بن أرقم صغيرًا لم يتحفظ منه، فقال عبد الله: أفعلوها؟! نافرونا وكاثرونا في بلادنا؟! فما نحن وهم إلا كما قيل: سَمِّنْ كلبَك يأكلْكَ، ثم قال لقومه: هذا فعلكم بأنفسكم، أحللتموهم دياركم، وقاسمتموهم أموالكم، ولو أمسكتم عن جعال وذويه فضلَ طعامكم، لتحولوا عنكم، ولا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا عن محمد، ولئن رجعنا إلى المدينة، ليخرجنَّ الأعزُّ منها الأذلَّ، فذهب