وسُمِّيَ الأقصى، لبعدِ المسافةِ بينَهُ وبينَ المسجدِ الحرامِ، وقيل: كانَ هذا أبعدَ مسجدٍ عن أهلِ (?) مكةَ في الأرض يُعَظَّمُ بالزيارةِ، وقيل: لبعدِه عن الأقذارِ والخبائثِ، ورُوي أنه سُمِّيَ الأقصى؛ لأنه وسطُ الدنيا لا يزيدُ شيئًا ولا ينقُصُ.
{الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} والبركةُ حولَه من جهتين: إحداهُما: بالنبوةِ والشرائعِ والرسلِ الذين كانوا في ذلك القطرِ في نواحيهِ وبواديه، والأخرى: النِّعَمُ من الأشجارِ والمياهِ والأرضِ المفيدةِ التي خَصَّ اللهُ الشامَ بها، وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إِنَّ اللهَ بَارَكَ فِيمَا بَيْنَ الْعَرِيشِ إِلَى الفُراتِ" (?)، وخصَّ فلسطينَ بالتقديسِ، ولو لم يكنْ له من الفضيلةِ غيرُ هذهِ الآيةِ، لكانَتْ كافيةً فيه؛ لأنه إذا بورِكَ حولَهُ، فالبركَةُ فيه مضاعَفَةٌ.
{لِنُرِيَهُ} أي: محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بعينِه {مِنْ آيَاتِنَا} في السمواتِ والملائكةِ والجنةِ والنارِ، ولقيا الأنبياءِ، وغيرِ ذلكَ مما رآه تلكَ الليلةَ من العجائبِ، وذهابِه ورجوعِه في جزءٍ من ليلةٍ.
{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لِما تقولون {الْبَصِيرُ} بأفعالِكم، وعيدٌ من اللهِ للكفارِ على تكذيبِهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - في أمرِ الإسراءِ.
وأما قصةُ الإسراءِ، فملَخَّصُها: أن الله سبحانه وتعالى بعثَ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأنزلَ عليهِ الوحيَ، وأمرهُ بإظهارِ دينهِ، وأَيَّدَهُ بالمعجزاتِ الظاهرةِ، والآياتِ الباهِرَةِ، أسرى به ليلًا من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى، وهو بيتُ المقدسِ من إيليا، وقد فشا الإسلامُ في قريشٍ وفي