ويعقوبُ: (حُزْنِي) بإسكانِ الياءِ، والباقون: بفتحها (?).
{وَأَعْلَمُ} يا بنِيَّ {مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} وهو أن رؤيا يوسفَ صادقة وأنه حيٌّ، وأني وأنتم سنسجدُ له.
روُي أنه قيلَ له: يا يعقوبُ! ما الذي أذهبَ بصرَكَ، وقَوَّسَ ظَهْرَكَ؟ قالَ: أذهبَ بصري بُكائي على يوسفَ، وقوَّسَ ظهري حُزْني على أخيه، فأوحى الله إليه: أَتشكوني؟! وَعِزَّتي لا أَكْشِفُ ما بِكَ حَتَّى تدعوَني، فقال: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى} فأوحى الله إليه: وعِزَّتي لو كانا ميتينِ لأَخْرَجْتُهما لك، وإنما وَجَدْتُ عليكم أنكم ذبحتم شاةً، فقامَ ببابِكم مسكينٌ فلم تُطعموه منها شيئًا، وإنَّ أحبَّ خلقي إليَّ الأنبياءُ، ثم المساكينُ، فاصنعْ طعامًا، فادعُوا عليه المساكينَ، فصنعَ طعامًا، ثم قالَ: من كانَ صائمًا، فليفطرِ الليلةَ عندَ آلِ يعقوبَ.
وقد حُكي أن ابتلاءَ يعقوبَ بيوسفَ كان سببهُ التفاتَه في صلاتِه إليه ويوسفُ نائمٌ؛ محبةً له.
فإن قيل: كيف استجازَ يوسفُ أن يعملَ مثلَ هذا بأبيه، ولم يخبرْه بمكانِه، وحبسَ أخاهُ معَ علمِه بشدةِ وَجْدِ أبيه؛ ففيه معنى العُقوقِ، وقطيعةُ الرحمِ، وقلةُ الشفقةِ؟ فالجوابُ: أنه عملَ ذلكَ بأمرِ الله تعالى، أمرَهُ به ليزيدَ في بلاءِ يعقوبَ، فيضاعِفَ له الأجرَ، ويلحقَه في الدرجةِ بآبائِه الماضين، واللهُ أعلم.