{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (127)}.
[127] {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} فيها عيبُ المنافقين {نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ} عندَ تعريضِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بنفاقهم يريدونَ الهربَ يقولونَ:
{هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ} من المؤمنين إنْ قمتُم من المسجد.
{ثُمَّ انْصَرَفُوا} عن مكانِهم خارجين {صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} عن الهدى، وهو يحتملُ الإخبارَ والدعاءَ، ذلك:
{بِأَنَّهُمْ} بسببِ أنهم {قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} لسوءِ فهمِهم، والفقهُ لغةً: الفهمُ، وهو إدراكُ معنى الكلامِ، وشرعًا: معرفةُ الأحكامِ الشرعيةِ المتعلقةِ بأفعالِ العبادِ.
قالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: "لا تقولوا إذا صليتُم: انصرفْنا من الصلاةِ، فإنَّ قومًا انصرفوا، فصرفَ اللهُ قلوبهم، ولكنْ قولوا: قد قَضَينا الصلاةَ" (?).
* * *
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)}.
[128] عن أُبيٍّ -رضي الله عنه- أن آخرَ ما نزل: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} من جنسِكم عربيٌّ مثلُكم نسبًا وصهرًا وحسبًا، ليس في آبائِه من لَدُنْ آدمَ سِفاحٌ، كلُّهم نكاحٌ. قرأ أبو عمرٍو، وحمزةُ،