وكانتا تدعيان: القَرينين، قال ابنُ العربيِّ: هذا دليلٌ على أن القياسَ أصل في الدِّين، ألَّا ترى إلى عثمانَ وأعيانِ الصَّحابةِ رضي الله عنهم كيفَ نَحَوْا إلى قياسِ الشبهِ عندَ عدمِ النصِّ ورأوا أن قصةَ براءةَ شبيهةٌ بقصةِ الأنفالِ، فألحقوها بها؟ فإذا كانَ الله قد بَيَّنَ القياسَ في تأليفِ القرآن، فما ظَنُّكَ بسائرِ الأحكام (?)؟
وقيل: سورةُ الأنفالِ وبراءةَ سورةٌ واحدةٌ، كلتاهما نزلتْ في القتال، تعدان السابعةَ من الطوال، وهي سبعٌ، وما بعدَها المئون؛ لأنّهما معًا مئتان وأربعُ آيات، فهما بمنزلة إحدى الطِّوال. وقد اختلفَ أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لما كتبوا المصحفَ في خلافةِ عثمانَ، فقالَ بعضهُم: الأنفالُ وبراءةُ سورةٌ واحدةٌ، وقالَ بعضهم: هما سورتان، فتركَتْ بينهما فُرْجَةٌ لقولِ من قالَ: هما سورتان، وتركت بسم الله لقولِ مَنْ قالَ هما سورةٌ واحدةٌ، فرضيَ الفريقانِ معًا.
وسُئل عليٌّ رضي الله عنه عن تركِه البسملةَ في براءةَ، فقالَ: "بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرحيمِ أمانٌ، وبراءةُ نزلَتْ بالسيفِ ليسَ فيها أمانٌ" (?).
قال القرطبيّ: والصحيحُ أن التسميةَ لم تكتبْ لأنَّ جبريلَ -عليه السّلام- ما نزلَ بها في هذهِ السورةِ (?). وتقدَّمَ ذكرُ اختلافِ العلماءِ والقراءِ مستوفًى