والمشرِّدَةُ، لأنّها تشرِّدُ بهم، والمثيرةُ؛ لأنّها تبحثُ عن حالِ المنافقينَ وتُثيرها، والحافرةُ؛ لأنّها حفرتْ على قلوبهم، والمنكِّلَةُ؛ لأنّها تنكِّلُ بهم (?)، والمُدَمْدِمَةُ؛ لأنّها تدمدمُ عليهم، وسورةُ العذابِ؛ لتضمُّنها معناه.
واختلِفَ في سقوطِ البسملةِ من أولها، فقيل: كان من شأن العربِ في زمنِ الجاهلية إذا كانَ بينَهم وبينَ قومٍ عهدٌ، فإذا أرادوا نقضَه، كتبوا إليهم كتابًا لم يكتبوا فيه البسملةَ، فلما نزلَتْ براءةُ بنقضِ العهدِ الّذي كانَ بينَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والمشركين، بعثَ بها النبيُّ علَيَّ بنَ أبي طالبٍ رضي الله عنه، فقرأها عليهم في الموسم، ولم يتسهَّلْ في ذلكَ على ما جرتْ عادتُهم في نقضِ العهدِ من تركِ البسملة.
وقال ابنُ عباسٍ لعثمان رضي الله عنه: ما حملَكُم على أَنْ عمدتُم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة، وهي من المئين، فقرنتم بينَهما، ولم تكتبوا بينَهما سطرَ: بسم الله الرّحمن الرحيم، ووضعتموها في السبع الطوال؟ فقال: عثمان رضي الله عنه: إِن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزلَ عليه الشيءُ، يدعو بعضَ من يكتبُ عندَه، فيقول: "ضَعُوا هَذِهِ الآيةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فيها كَذَا وَكَذَا"، وكانت الأنفال ممّا نزلَ بالمدينة، وبراءةُ من آخرِ ما نزلَ، وكانت قصَّتُها شبيهةً بقصتها، وقُبضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبين لنا أنّها منها، فظننتُ أنّها منها، فمن ثَمَّ قرنتُ بينَهما، ولم أكتبْ بينهما سطر: بسم الله الرّحمن الرحيم (?).