تمهيد:

إن من يطلع على أصول السلف الصالح يرى عجباً من العجب، أقواماً يقبلون على القرآن إقبال الظمآن على الماء البارد، يتلون آياته ويتدبرونها، وينفذون أحكامه ويؤمنون بمتشابهه، ويعملون بمحكمه، ويتأثرون بما فيه من الوعد والوعيد، والثواب والعقاب، فيخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً

كان الواحد منهم إذا قرأ القرآن لا يشغله عنه شاغل، ولا يجذبه عنه جاذب، وقد روي عنهم في ذلك الأعاجيب.

أما تطبيقهم لآيات القرآن وسرعة استجابتهم لله، وتغلغلها في قلوبهم فيشهد لذلك كثير من الحوادث التي جرت لهم.

ألا إن التاريخ لم يشهد رجالاً عقدوا عزمهم ونواياهم على غاية تناهت في العدالة والسمو، ثم نذروا لها حياتهم على نسق تناهي في الجسارة والتضحية والبذل كما شهد في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

لقد جاءوا الحياة في أوانهم المرتقب، ويومهم الموعود .. فحين كانت الحياة تهيب بمن يجدد لقيمها الروحية شبابها وصوابها، جاء هؤلاء وراء رسولهم الكريم - صلى الله عليه وسلم - مجددين وناسكين، وحين كانت تهيب بمن يضع عن البشرية الرازحة أغلالها، ويحرر وجودها ومصيرها، جاء هؤلاء وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثواراً ومحررين، كيف أنجز أولئك الأبرار كل هذا الذي أنجزوا في بضع سنين؟! كيف شادوا بالقرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015