للتقرب بها وعرف من الشارع الاهتمام بتكليف الخلق بإيقاعها عبادة؛ كصلاة وصوم وحج، واعتكاف وصدقة، أو فرض كفاية وإن لم يحتج في أدائه إلى بذل مال ومشقة؛ كصلاة جنازة، أم لا بأن لم تكن كذلك، وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغب الشارع فيها؛ لعظم فائدتها، وقد يبتغي بها وجه الله تعالى فيثاب عليها؛ كعيادة المريض، وتطييب الكعبة وكسوتها، وتشميت العاطس، وزيارة القادم والقبور، وإفشاء السلام على المسلمين، وتشييع الجنائز.
وخرج بـ (القربة): المعصية، فلا يصح نذرها، والمباح كأكل ونوم، فلا يصح نذره؛ لخبر أبي داوود: "لا نذر إلا فيما ابتغي به وجه الله"، فلو نذر ذلك وخالف .. لم تلزمه كفارة؛ كما صححه في "الروضة" و"أصلها"، وصوبه في "المجموع"، ورجح في "المنهاج" كـ"أصله" لزومها، وكذا في "الروضة" في نذر اللجاج.
وبـ (غير الواجبة): فرض العين ولو عوضاً فلا يصح نذره؛ إذ لا معنى لالتزامه بالنذر. ويشترط في المال المعين من صدقة وإعتاق وغيرهما: أن يكون ملكه، وإلا .. لم يصح نذره إلا إذا علقه بملكه؛ كقوله: (إن ملكت عبد فلان .. فعلي عتقه) فيصح، ثم إن قصد الشكر على تملكه .. فنذر تبرر، أو الامتناع منه .. فنذر لجاج؛ ذكره في "الروضة" و"أصلها".
وإنما يلزم النذر بالتزامه قربة ... إلى آخره إن علقه بنعمة حادثة، أو اندفاع نقمة؛ كقوله: (إن الله رزقني الله تعالى ولداً)، أو (شفى مريضي .. فعلي كذا)، أو نجز النذر؛ كقوله: (لله علي صوم) أو (صدقة) أو (عتق) فيلزمه؛ كما لو قال: (لله علي أن أصحي)، أو (أعتكف).
ومن يعلق فعل شيء من أفعاله، أو ترك شيء منها في حال الغضب، بالتزام فربة، ويسمى نذر اللجاج – بفتح اللام – والغضب ثم وجد المشروط .. لزمه كفارة يمين لما مر؛ كذا أفتى به الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، وذهب إليه الإمام أحمد، وهو قول عمر وابن عباس وابن